منع صالح مسلم من الدخول إلى إقليم كُردستان يكشف قوة ارتباطه بمحور طهران – بغداد- دمشق

عبدالجبار شاهين

نعلم جيداً أن إقليم كُردستان حكومةً وشعباً قدم الكثير من الدعم المادي والمعنوي للشعب الكُردي في غرب كُردستان ، وعمل رئاسة الأفليم بدأب ومسؤولية كبيرة للململة الاحزاب الكردية في إطار موحد لتوحيد الصف الكردي وكلمته امام المخاطر المحدقة بالشعب الكُردي في غرب كُردستان وفي المحافل الدولية، حيث انه سخر لذلك كل الطاقات والامكانيات المادية من خلال دعوة كل الاطراف الكُردية في غرب كُردستان الى الحضور على طاولة واحدة في الإقليم لحل مشاكلهم وتوحيد الصف الكُردي.
بداية كان من أهم منجزات هذه الجهود هو اقامة مجلس وطني كُردي جامع لكافة الحركات الكُردية في غرب كُردستان ،
هذا ما لم يكن يروق لحزب الاتحاد الديمقراطي  (PYD) الذي يتزعمه صالح مسلم مما قام بالاسراع لتشكيل مجلس خاص به ليكون بديلاً عن مجلس الوطني الكُردي لسبب بسيط هو أن هذا الحزب لا يستطيع العمل ضمن اطار جماعي مع الآخرين ، ولكي يتفرد لوحده بالسيطرة على مفاصل الأمور في غرب كُردستان  فسارع بالاسراع الى تشكيل هذا المجلس البديل بالنسبة له على الاقل ليثبت للغير انه هو الممثل الأكثر شعبية للشعب في غرب كُردستان .
مع ذلك أراد حكومة إقليم ان يكون هناك اطار يجمع المجلسين طالما اراد (PYD) أن يغرد وحيداً خارج السرب الكُردي ولأجل أن يلم شمل الصف الكُردي مجدداً كان هناك اتفاق هولير وتشكيل الهيئة العليا الكُردية لتكون الإطار الجامع للمجليسن .
هنا ايضاً عمل (PYD)  جاهداً لافشال هذا الإطار الجامع ايضاً ،رغم أن الرئيس مسعود البرزاني اعطى الكثير من الفرص والمجال والدعم لجماعة (PYD) كي يعملوا ضمن هذا الإطار  لخدمة قضية الشعب الكُردي في غرب كُردستان ، فمن خلال مطالبته بنصف مقاعد الهيئة الكُردية العليا بحجة انه لديه كل الكثير من المؤسسات وحجم كل واحدة منها أكبر من أكبرأحزاب المجلس الوطني الكُردي ، مع ذلك كله لقد سايروهم لاجل تحقيق وحدة الصف الكُردي ومنحوهم نصف مقاعد الهيئة الكُردية لهم لقطع الطريق امام انقسام الحركة الكُردية في غرب كُردستان مع هذا الإجحاف بحق أحزاب المجلس الوكني الكُردي جاء ضغط الرئيس مسعود البارزاني على احزاب المجلس الوطني الكُردي باتجاه قبول تلك الأحزاب لطلبات الـ (PYD) التعجيزية الرامية الى شق الصف الكُردي الذي هو ممزق اصلاً .


فلقطع الطريق أمام هذا المشروع التقسيمي والمشبوه كانت موافقة الاحزاب لمطالب الـ (PYD) لاستحواذه على نصف مقاعد الهيئة الكُردية العليا بمباركة اتفاقية هولير ، كل هذه التسهيلات  التي قدمت لـ (PYD) كان بضغط من الرئيس مسعود البارزاني لاجل منع حدوث تيارات كُردية متقاتلة ضد بعضها البعض لأنه خير من يعلم مساوئ ذلك .
بما أن جماعة صالح مسلم لا يمكن ان يتفق مع اي جهة كُردية أخرى إلا إذا كان ذلك بأمرته وتحت سيطرته وتوجهه  لذلك تسارعوا الى احداث كتل داخل الهيئة الكُردية العليا فقاموا باعطاء بعض الميزات لاحزاب صغيرة معدومة الوجود تقريباً على الأرض لينحسب رقماً في الهيئة العليا الكردية وتكميلاً للعدد الذي يحتاجه الـ (PYD) للسيطرة مجدداً على تلك الهيئة ، كحزب الكُردي السوري “كونفرانس ” جماعة شيخ باقي وحزب اليسار الكُردي جماعة محمد موسى ان هذين الحزبين بالنسبة لـ (PYD) مجرد رقمين للاستلاء بهما على الهيئة الكردية العليا كلياً .
هكذا جماعة (PYD) استطاعوا ان يسيطروا على كل اطار كان بالأمكان ان يكون جامعاً لكل الأحزاب وخادماً لقضية الشعب الكُردي في غرب كُردستان وبالتالي افشلوا كل مخطط وكل المساعي الحميدة التي بذلت من قبل إقليم كردستان الرامية الى وحدة الصف الكُردي ليستفردوا لوحدهم بالقرارات المصيرية للشعب الكُردي ، ولكي لا يصل احد من الأحزاب في المجلس الوطني الكُردي إلى مراكز القرار  ليبقى مجهولاُ ذلك المركز الذي يتخذ القرارات المصيرية عن باقي الاحزاب لمنع كشف المصادر التي تعطي الأوامر لذلك المركز الذي يقرر منفرداً بعيداً حتى هن الأحزاب التي ضمتها الى معسكرهم كعدد ليس إلا .
من خلال كل هذا السرد نستشف ان جماعة الـ (PYD) ضد اي اطار وحدوي ما لم يكن في فلكهم .

ولأجل انقاذ الشعب الكُردي من براثن تلك السياسات المشبوهة التي يتبعها صالح مسلم وجماعته  كان لا بد من ايجاد تيار قوي آخر لا لأن يكون بديلاً عن الـ (PYD) بل ليكون منافساً ديمقراطياً له وعامل ضغط عليه باتجاه توحيد الجهود اللازمة لخدمة قضايا الشعب الكُردي ومصالحه العليا ، من هنا جاء فكرة الاتحاد السياسي الديمقراطي المؤلفة من اربعة أحزاب لتتطور هذه الفكرة وتتحول إلى الدمج في حزب واحد كون ان هذه الأحزاب هي من نفس النهج ونفس الفكرة ومقومات التوحيد بينها أكثر بكثير من مقومات الشقاق والتشرذم .
ان هذا الحزب الذي سيتشكل من الاحزاب الأربعة وترك الباب مفتوحاً امام احزاب أخرى للأنضمام الى الحزب الجديد القادم بمباركة ودعم الرئيس البارزاني ازعج كثيراً صالح مسلم الذي لا يمكن له ان يستوعب بأن قضية الشعب الكُردي ليس حكراً على أحد ليستفرد بها ويبيع ويشتري حسب ما يملى عليه املاءات كثيرة ومن جهات مختلفة ان هذا يشكل عائقاً امام صفقات صالح مسلم المشبوهة والتي بمجملها تصب في في مصلحة حزبه واجنداته فقط ولا يصب في مصلحة قضية الشعب الكُردي بتاتاً.
هذا هو الذي جعل صالح مسلم يخرج عن طوره مصدقاً نفسه بأنه الزعيم الأوحد للشعب الكُردي في غرب كُردستان مغروراً بالقوة التي استحوذ عليها من نظام الأسد الدكتاتوري ليصدق ايضاً كذبة تحرير المناطق الكُردية دون اي جهد أو اشتباك أو طرد لقوى النظام التي كانت تحكم المناطق الكردية ناسياً انه بموجب سك استلام وتسليم من النظام “”حرر”” المناطق الكُردية التي لازالت تدار في الخفاء ومن وراء الكواليس من قبل النظام الدكتاتوري السوري .
هذا الغرور الذي اوجد فيه نفسه صالح مسلم أدى به الى أن يصرح بتصريح عدائي حاقد تجاه إقليم كُردستان خارجاً عن حدود الأدب واللباقة ليعطي دروساً في الأدب الذي يفتقده هو شخصياً لإقليم كردستان الذي سخر له واعطاه المجال كثيراً ليتمادى في قلة أدبه تجاه الذين سايروه وقدموا له كل العون والمساندة لكنه لم يستطع استيعاب ما يقدم له ،ظناُ منه أنه يحصل على كل ذلك بفضل سياساته الغبية والحمقاء ، هو لاجل درء الانقسام الكُردي ووحدة الصف الكُردي.
لقد قابل كل الاحسان الذي قدم لصالح مسلم من قبل إقليم كُردستان بقلة أدبه ووقاحته وحقده تجاه كيان كُردي قائم ليكشف ما يجول في فلك سياساته تجاه أي كيان كُردي ما لم يكن على مقاس فلسفتهم وايديولوجيتهم التي خدمت وتخدم أعداء الشعب الكُردي طيلة أربعون عاماُ من إراقة الدم الكُردي خدمةً لأعداء الشعب الكُردي  ولإزالة كل مخاوف الجمهورية التركية من أي كيان كُردي ممزق للجمهورية التركية كما يوصف ذلك ملهمهم  عبدالله أوجلان في كتابه الذي صدره وهوفي سجنه بأسم دفاي منعطف على مسار الحل الديمقراطي   حيث يبين يلفت انتباه الدولة التركية في كتابه هذا الى الخطر الذي يشكله الكيان الكُردي في شمال العراق ضد وحدة اراضي الجمهورية التركية وان تأخذ تركيا العبر من تجاربها مع الأكراد في التاريخ ملمحاً الى معارك جالدران وملاذكرد والدور الذي لعبه الأدريس البدليسي آنذاك خدمة للجمهورية التركية مشيراً الى أنه ممكن ان يلعب هذا الدور بحتى بشكل افضل من الادريس البدليسي ، يفهم من هذا كله انهم يبحثون عن دور لتقديم افضل الخدمات للدولة التركية كي تستعيد هيبتها كما كانت في السابق لأن تمتد حتى الى القفقاس والبلقان ولتصبح دولة قوية في المنطقة.

هذا ما يوجهه عبدالله اوجلان في سجنه انصاره اليه .
هكذا نرى انه من البديهي والطبيعي اصطفاف حزب الاتحاد الديمقراطي  (PYD) الى جانب الاتجاه الذي ينسجم مع نهجهم الهادف الى نسف كل ما يتعلق بالشعب الكُردي  ما لم يكن وفق رؤيتهم وتحت سيطرتهم كما ان دعوتهم الى حل القضية الكُردي في اطار جمهورية شرق أوسطية فيدرالية خير دليل على انهم لا يسعون الى أي حل منطقي وعملي للقضية الكردية وما يرمون اليه عبر طرحهم هذا هو اطالة أمد حل القضية الكُردية ليبقوا الى الأبد استغلال العاطفة القومية لدى البسطاء من الكُرد ليجعلوا من دمائهم وقوداً لمعاركهم التي لا نهاية لها كما هو ظاهر من خلال طرحهم الافلاطوني للشرق الأوسط الفاضل .

باريس 27102013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…