حسين جلبي
لا يختلف أثنان على أهمية عقد مؤتمر قومي كُردي جامع في الظروف الحالية، خاصةً إذا كان المؤتمر المُرتقب سيلتئم في هولير عاصمة إقليم كُردستان العراق الذي يتنفس أبنائهُ لوحدهم و من بين أربع كُردستانات هواء الحُرية، إضافةً إلى ما يمنحه من أهمية فائقة عقد المؤتمر برعاية السيد مسعود البرزاني رئيس الأقليم و الشخصية القومية الكُردية المحترمة التي تحظى بالمصداقية و بإحترام الجميع.
سيجتمع الكُرد إذاً من أجزاء كُردستان الأربعة و لأول مرة في مكانٍ واحد عزيزٍ على قلوب الجميع رغم فشل كل جزء لوحده ـ بإستثناء الجزء المُضيف ـ في التجمع حتى الآن في مكانٍ واحد للخروج برأي موحد بشأن قضايا تخصه،
و بالمحصلة لن يكون الكُرد، و كما جرت العادة في مناسبات سابقة، ضيوفاً على إحدى المُدن الغريبة، بل سيكونون من أصحاب الدار، و لذلك فإنه و ضمن هذه الأجواء العاطفية سيطمح كل كُردي إلى تسجيل إسمه على لائحة الحضور.
لكن، و لكي لا يكون المؤتمر المرتقب مُجرد إحتفالية إعلامية قومية تقتصر على الحاضرين فيها، و لكي تكون قرارته على مستوى المرحلة فلا تبقى أسيرة جدران مكان الإنعقاد و تصبح في احسن الأحوال أخباراً في أرشيف وسائل الإعلام، و لكي يكون التمثيل حقيقياً و تتحقق العدالة فيه، و لكي ينجح المؤتمر بالتالي في وضع جميع القضايا الكُردية الشائكة على طاولة البحث و ينجح في إيجاد الحلول المُرضية لها، لا بد من توافر بعض المقدمات و منها:
1.
أن تتكون اللجنة التحضيرية من خمسة مجموعات متساوية العدد: أربعة منها لأجزاء كُردستان و المجموعة الخامسة منها لأكراد المهجر و التجمعات الكُردية الخارجية، و أن تختص كل مجموعة بدعوة خُمس المندوبين، أي الذين تختص بهم، بعد إيجاد نوع من التنسيق بينها.
أن تتكون اللجنة التحضيرية من خمسة مجموعات متساوية العدد: أربعة منها لأجزاء كُردستان و المجموعة الخامسة منها لأكراد المهجر و التجمعات الكُردية الخارجية، و أن تختص كل مجموعة بدعوة خُمس المندوبين، أي الذين تختص بهم، بعد إيجاد نوع من التنسيق بينها.
2.
المساواة بين أجزاء كُردستان الأربعة و كذلك كُرد المهجر من حيثُ عدد المندوبين المُمثلين لكلٍ منهم في المؤتمر و ذلك دون النظر إلى التعداد السكاني لأي جزء من كُردستان أو مساحته الجغرافية، أي أن تكون لكل جزء نسبة الخُمس في المؤتمر.
المساواة بين أجزاء كُردستان الأربعة و كذلك كُرد المهجر من حيثُ عدد المندوبين المُمثلين لكلٍ منهم في المؤتمر و ذلك دون النظر إلى التعداد السكاني لأي جزء من كُردستان أو مساحته الجغرافية، أي أن تكون لكل جزء نسبة الخُمس في المؤتمر.
3.
أن يُراعى في تشكيلة اللجنة التحضيرية و بالتالي في المدعويين وجود جميع شرائح المجتمع و خاصةً فئة الشباب و المرأة، و أن يتواجد، و إلى جانب ممثلي الأحزاب، المستقلين و منظمات المجتمع المدني، على أن يكون المندوبين من الشخصيات المُحترمة ذات العمل الكُردي القومي و الإنساني و من المثقفين و الكفاءات و المتخصصين في مُختلف المجالات.
أن يُراعى في تشكيلة اللجنة التحضيرية و بالتالي في المدعويين وجود جميع شرائح المجتمع و خاصةً فئة الشباب و المرأة، و أن يتواجد، و إلى جانب ممثلي الأحزاب، المستقلين و منظمات المجتمع المدني، على أن يكون المندوبين من الشخصيات المُحترمة ذات العمل الكُردي القومي و الإنساني و من المثقفين و الكفاءات و المتخصصين في مُختلف المجالات.
4.
لا يكون أعضاء اللجنة التحضيرية أعضاءً للمؤتمر و أن لا يكون لهم سلطة عليه، و أن تنتهي مهمتهم عند إنعقاد المؤتمر، على أن تكون هناك جهة ما، من برلمان كُردستان المُنتخب و من رئاسة الأقليم مهمتها تقييم عمل اللجنة و مُراجعة عملها.
لا يكون أعضاء اللجنة التحضيرية أعضاءً للمؤتمر و أن لا يكون لهم سلطة عليه، و أن تنتهي مهمتهم عند إنعقاد المؤتمر، على أن تكون هناك جهة ما، من برلمان كُردستان المُنتخب و من رئاسة الأقليم مهمتها تقييم عمل اللجنة و مُراجعة عملها.
إن الكُرد يقفون مرةً أُخرى و ربما أخيرة، بمناسبة المؤتمر القومي الكُردي الأول، على مفترق طريقي الأمل و اليأس، فإما أن يكون المؤتمر مُناسبة لزرع الأمل في قلوب أبناء الشعب الكُردي من خلال النجاح بوضع الأساس لحل القضايا الكُردية المتشعبة، و ذلك لن يتحقق بالتأكيد إلا بوجود آلية سليمة تسمح بلقاء ممثلي الشعب الكُردي الحقيقيين، أو أن يكون المؤتمر مناسبةً أُخرى لتجذير الشقاق و فرصة أُخرى مهدورة لن تعوض لأن الشعب الكُردي لن يعود بعدها إلى تصديق أية شعارات قومية، و لعل أخطر ما يُمكن أن يواجه المؤتمر هو تحولهُ من (مؤتمر قومي كُردي) إلى (مؤتمر حزبي كُردي) في ظل إستيلاء الأحزاب الكُردية و في كل مكان على صدارة المشهد و عدم سماحها بظهور منافسٍ لها رغم أنها، و بإستثناء بعض الحالات، لم تشكل و من خلال سيَرها إنموذجاً يتطلع إليه الناس، و لم تمتلك مشروعاً تجعل الناس يلتفون حوله و تستطيع من خلاله تحقيق شئ ما على أرض الواقع.
ينبغي إذاً أن يجد جميع الكُرد أنفسهم بطريقةٍ أو بأخرى في المؤتمر بعيداً عن المحاصصة التي ليست سوى من أنواع الشللية و التي تجعل شخصاً يحضر المؤتمر بطريقة التزكية لعدم وجود غيره في مكونٍ ما أو بسبب كونه أفضل الموجود فيه في الوقت الذي يُستبعد فيه أحدهم لكونه لا يجد من يزكيه.
أخيراً فإن الأمل كبير في أن تحتل القضية الكُردية في سوريا صدارة الإهتمام نظراً لخطورة الأوضاع في المناطق الكُردية السورية التي باتت تهدد الوجود القومي الكُردي فيها، خاصةً في ظل عدم تمكن التشكيلات السياسية و العسكرية القائمة هناك من لعب دور إيجابي مؤثر يمنع إنحدار الأوضاع، و عدم إمتلاكها كذلك لمبادرة تحقق إختراقٍ ما يُعطي الكُرد الدور و المكانة التي تليق بهم، ينبغي للمؤتمر أن يضع حداً لحالة الإستفراد القائمة بشكليها السياسي و العسكري، و تبدأ الخطوة الأولى على هذا الطريق من قبل اللجان التحضيرية التي يتوجب عليها، و قبل توجيه الدعوات، القيام بدراسة آليات تشكيل الأحزاب و المجالس و الهيئات في المنطقة الكُردية السورية للإستفادة من أخطائها و تجنبها، خاصةً أن تلك الآليات الخاطئة قد أدت إلى تشكل هيئات تسببت بحالة جمود و تراجع في الوضع الكُردي منذ بدء الثورة في سوريا.