محمود عباس
تمكن البعض من الأدباء العالميين في بناء مدرسة منهجية للعلم النفسي على خلفية البحث في خفايا التشوهات المسلكية والأخلاقية للشريحة المذكورة وإنعكاساتها على المجتمع، ظهرت بعض الأعمال كروايات عالمية، وأخرى كبحوث علمية في علم النفس، مع ذلك بقيت مجالات الإرتباط الشره بينها وبين الكتل السياسية، كحالة الاحزاب السياسية الكردية ضرورة، لتوضيح حاضر الشريحة وفضح إنتهازية الأحزاب بين السلطة والشعب، وأسباب تشرذمهم وتشخيص الأخطاء التي أنجرفوا إليها.
يتلقفها البعض سرداً كلاميا على إنها أخلاق ذاتية مشوبة بشذوذ التربية تخص شريحة موبوءة، فالتعرض لها أو الحديث عنها دونية في حضور المجتمع، وبالإمكان إلغائها، بالسكوت على أفعالها، وتغييبها كأفضل الحلول لإزالتها أو تقليص وجودها، لكن الواقع يثبت عكس المبتغى، فهم شريحة كثيراً ما أستخدم أفراداً منها ليس فقط سياسياً بل وإجتماعيا وفي العديد من الصراعات العائلية، بكل اشكالهم وفي كل المجالات، لمواجهة المخالف والمعارض، وهم بذاتهم يعرضون خدماتهم على قارعة الصراعات الفكرية والقومية، لتبتذل، والبعض منهم نفذوا إلى أعماق المجتمع ويؤثرون في القيم والأخلاق، ويفاقمون في المساوئ، وكانوا سبباً رئيسا في إبعاد مناضلين عن الأحزاب، فوجودوا أن استخدامهم لمثل هذه الأفراد لا يشرف المجتمع الكردي، ولا تشرف عضوية الإنتساب.
لا يخلوا المجتمع من الشواذ، وهي جدلية التكوين البشري، بهم يكتمل الموزاييك الإنساني، وتكوين البشرية الروحية والفكرية، فلا صدق بلا كذب، ولا صلاح بلا فساد، ولا عفة بلا عهر، لا سياسة بدون خداع ولا مجتمع بدون منافقين، تحتاج إليهم الأحزاب وترعاهم لغايات متنوعة، مثلها مثل الوجودين المتناقضين، الله والإبليس، الخير والشر، وتناقض الألهة في بعض الأديان والأساطير، ولن نقول الروحانيات والمادة، فهذه الشريحة تغمس ذاتها في كل الأعماق، ولا تقف على حدود التكوينين، شريحة لا تجهد ذاتها في إيجاد شخصيتها، فهي تلقائية، يتطلب منها القليل من التفكير في خلق فساد وعبثية أخلاقية في الأطراف.
مثلما تتلقى هذه الشريحة اللذة من نتائج أفعالها، تتألم في ذاتها، من الآخر المتناقض أو من الشخصية المسيطرة على ذاكرتهم، يملكون فكراً ملتهباً يبقى صارخاً في حضور الآخر روحاً أو مادة، فالكل الآخر بالنسبة لهم عدو دائم لقيمهم، فهم جزء من الثقافة التي تكونت عليها الأحزاب الكردية على مدى نصف قرن من الزمن تحت شمولية ثقافة البعث وسيطرة آل الأسد.
هذا الفكر، أو الشخصية، التي تكون شريحة من البشر، مستمر البحث في الأطراف، لتشويه سمعة، أو تلويث مسيرة، أو خلق صراع ما، وتعكير النقاء في كله المستطاع، لا لغاية جمعية، بل لإرضاء ذات مريضة في أبعادها الكلية، لذلك تجد التربة الخصبة لرغباتهم في الخلافات، وترفع شأنهم عند تفاقمها، فبعض الأحزاب السياسية جندتهم، والسلطات الشمولية كونت شريحة واسعة منهم بمنهجية ثقافية مدروسة، وأستخدمتهم مافيات المجتمع المدني للحط من قيم عائلات وطنية أو مفكرين ومثقفين أو كتاب لهم تأثير على مسيرة المجتمع، مهمتهم التعرض للآخر المعارض، والبحث في كيانهم الشخصي، لتلويثه تلفيقاً.
المجتمع الكردي السياسي والثقافي في بعضه لم يخلُ من هذه الدونية، فبعض الأحزاب الكردية أستخدمتهم بدون رادع، وتحت أجندات معينة، ومفاهيم خاطئة، وعلى خلفية نشرهم لثقافة التحزب والشخصية الحزبية وعبادة الفرد أو الحزب، أبقتهم خارج القيم الوطنية، والتعامل الإنساني والأخلاقي، فأصبحوا أفراد في الظلمة يستخدمون لأهداف معينة، وهي نفس الطريقة التي أستعملتها السلطة السورية والبعث سابقاً.
تحتاج هذه الشريحة وعلاقاتها مع الأحزاب السياسية، وخلفياتها الثقافية والأخلاقية، وتأثيرات السلطة الشمولية عليهم وعلى مسيرة الأحزاب الكردية، إلى دراسات وأبحاث واسعة وعميقة، لكن التلميح هنا لبعض الأفعال، والخدمات التي يقدمونها، قد تنبه البعض للوقوف عليها حاضراً ومستقبلاً.
فرغم إثارتها من قبل بعض الكتاب و الحركة الثقافية والتنبيه إليها، لا تزال الظاهرة مستمرة، والأفراد المجندون في خدمتهم، ينشرون الفساد والدونيات بدون رادع.
– التهديدات بكل أنواعها لبعض السياسيين وللمثقفين والمفكرين بشكل خاص تتزايد، وكل تهديد تحمل الصبغة السياسية، ومدعومة من أحزاب معينة.
الطريقة معروفة، وهو التنكر للشخص حزبياً، وفردية العمل، والتبرء من التهمة أوتجنيد أحد لها، وكثيراً ما طلب من الأحزاب التي يرسل التهديد على أسمها وبخلفياتها أن تستنكر العملية وتنبه أفرادها، لكن التهمة ترد بتهمة معارضة، منها أن البعض يستخدمونهم لتشويه سمعة الحزب، وتكتفي الأحزاب المعنية بهذا القدر.
– التعرض لشرف ومقدسات عائلات، وقد تعرضوا للعديد من الإعلاميين الكرد الذين نقدوا الأحزاب، ولم يقفوا عند حدود الكلمة البذيئة، بل تناولوا الشرف الكردي، واستخدموا كل الأبعاد في بذائة الكلمة، وأمثلة الإخوة في البالتاكات الكردية أكبر مثال على ما نقول، فلم يسلم أي ( أدمين ) مشرف على البالتاك مهما كانت سويته المهنية في الإعلام، من الكلمات البذيئة، تناولوا الشرف والعائلة وبدون قيود أخلاقية، والخلفية كانت النقد لمفاهيم الأحزاب وعبادة الشخص.
– الحراك الثقافي والكتاب والمثقفين من أكثر الأفراد الذين تعرضوا للموبقات، والتهديدات، وكثيرا ما أستهزأوا من كتاباتهم ومعها شخصية الكاتب، لم يبالوا بالقيمة الفكرية للكتابة، فالمضمون لا يبحث بقدر ما يبحث في أسم الكاتب وخلفيته المنهجية، وقد سخر لهذا أفراد غارقين في الضحالة السياسية والثقافية، لا يعون الكلمة المطروحة بل يعرفون الكاتب، مهمتهم البحث عن الأسم والرد بما أملي عليه.
– الصراعات الفكرية، والنقد الحاد، والتهجمات الشخصية حتى ولو خرجت من إطار النقد المغلق، بين الكتاب والمثقفين، تبقى ظاهرة منتشرة بين الحراك الثقافي الكردي، ورغم سلبياتها في بعضه لكنها تحمل الكثير من الإيجابيات، وهي مسيرة لا بد منها، لا شك تحتاج إلى دراسات نقدية فكرية ثقافية، لكن البعض من الأقلام أستأجرت من قبل أحزاب أو شريحة من المجتمع، وسخرت لغايات ذاتية، ليطرحوا الكلمة بثمن بخس، وللنيل من شخص ما أو عائلة يعارض البعض سياسة حزب أو تكتيكه، أو في مجابهات شخصية.
– عنوان المقال صفة لمجموعة من الأفراد، يستخدمون كل ما سبق تحت أسماء وهمية، مختفية، تلبس الوطنية نفاقاً، وتستخدم أغطية بعض الأحزاب وتتاجر بدماء الشهداء كمتراس، وهم في غياب، من حيث الأسم والثقافة، فيتنكرون تحت أسماء متنوعة، تأتي ذلك من خلفيات عديدة، منها عدم الثقة بما يدافعون عنه، أوخلفية العائلة المنتسبون إليها، أو الذات المعروفة للمجتمع بدونيتهم، أو إنتمائهم الفكري السياسي الموبوء والمعروف للمجتمع، وغيرها من الأسباب التي تحضهم عن المجاهرة بالإسم والتهجم أوالتعرض للأخرين بالدونية.
لا شك يستثنى هنا أولئك الكتاب وأصحاب الكلمة والفكر الذين ينشرون ذخيرتهم الثقافية بأسماء مختلفة أو مخفية لغايات سامية، ويقدمون للثقافة ولتنوير المجتمع الخدمات الجليلة، وينقبون لتنقية الوطن والمجتمع، والمقارنة بينهما عدمية بمطلقه، فلا يمكن الخلط بين الشريحتين.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية
mamokurda@gmail.com