عدالة من ذاكرة الألم السوري

مصطفى جاويش

لو اتيح لي محاكمة الرئيس السوري السابق بشار الاسد لما حكمت عليه بالاعدام شنقا كما حكم على الاف المناضلين السوريين بالاعدام بتهم مختلفة، ولما حكمت عليه رميا بالرصاص كما رمى على الاف السوريين المتظاهرين سلميا وقتلهم، ولا حكمته حرقا كما حرق الثائرين على حكمه احياء واموات، وكانت رائحة حرق الجثث تفوح وتملا سماء حلب وخاصة في الصباح الباكر.

ولا برميه في الغابات والجبال ليموت جوعا وعطشا وهو يعبر الحدود هربا من دولة الى دولة كما هرب السوريين من بطشه وارهابه الذي فاق تصور العقل البشري. وحتما لن تاكله الوحوش البرية والضباع الجائعة لانه اكثر وحشية وقذارة منهم. ولن ارميه في البحار والمحيطات ليغرق ويصبح طعاما للاسماك كما غرق الالاف من الشعب السوري. ولن اضعه في حاوية ليموت فيها خنقا، ولن استعمل معه الغازات الكيماوية للقضاء عليه كما استعمله مع معارضيه في الغوطة وخان شيخون والكثير من الاماكن، وكذلك لن اضعه في اماكن تقصف بالبراميل المتفجرة والطائرات، ولن اضعه في الخيام بين الوحل.

ساعاقبه بطريقتي. سارسل له دورية بسيارة بيجو ستيشن لاعتقاله وربط يديه ورميه في باكاج السيارة، واخذه الى فرع الامن الجوي لاستقباله على بساط الريح اولا، وبالدولاب والكبل الرباعي على قدميه ومؤخرته ثانيا. ومن ثم التشبيح وتعليقه الى ان يغمى عليه، وفكه من التشبيح وسكب الماء البارد عليه لاستعادة وعيه.

ومن ثم وضعه على الكرسي الالماني لتفكيك عظامه دون كسرها، ومن ثم رميه بالمنفردة ليشرب وياكل وينام ويتغوط ويبول بنفس المكان لمدة اسبوع كامل من التعذيب. وبعدها يحشر في باكاج سيارة البيجو ستيشن معصوب العينين ومربوط اليدين الى الامن العسكري لاستقباله بالكرباج والبصق عليه والرفس والركل، وتعريته والاحتفال به بكل صنوف التعذيب والاهانة.

ووضعه في تلك الزنانين التي عذب فيها المناضلين واستشهدوا على يد جلاديه وزبانيته. ومن ثم نقلته الى فرع امن الدولة ليذوق ما ذاقه السوريين، وكذلك الى الامن السياسي، والى قسم مكافحة الارهاب ليرى ما كان يفعله بالسوريين بتوجيهاته.

وانقله الى كل فروع الامن بكل بلدة وناحية ومدينة ومحافظة، وكل واحدة منها لمدة اسبوع من التعذيب. واخيرا وليس اخرا الى فرع فلسطين مع توصية بضرورة الحفاظ على حياته وذاكرته، حيث اخشى عليه من فقدانه او فقدان ذاكرته، وبعدها الى صيدنايا والمكبس.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  فيصل يوسف عند البحث في مسببات الأزمات المتلاحقة التي تعصف بمنطقتنا وتستنزف مقدراتها، تتبدى أمامنا خيوط واضحة تشد حاضرنا المعقّد إلى الماضي قبل أكثر من قرن، عبر اتفاقية سايكس – بيكو. فمازلنا نشهد صراعات حدودية مزمنة، وحروباً أهلية تنهش النسيج المجتمعي، وأنظمة حكم عاجزة عن استيعاب التنوع، وسياسات استهداف منهجي للهويات الثقافية والقومية؛ وكلها ظواهر تتكرر بأشكال متعددة، لكنها…

يحيّي المجتمع المدني الكوردي أبناء وبنات الشعب الكوردي في كل مكان بمناسبة يوم العلم الكوردي، الذي يصادف السابع عشر من كانون الأول، باعتباره مناسبة وطنية جامعة تستحضر رمزية العلم الكوردي بوصفه عنوانًا للهوية والذاكرة الجماعية وتاريخًا طويلًا من النضال من أجل الحرية والكرامة والحقوق المشروعة. إن العلم الكوردي لم يكن يومًا مجرد راية، بل هو تعبير سياسي وثقافي عن وحدة…

المحامي محمود عمر كانت الجلسة مخصصة في ذلك اليوم ـ وأمام القاضي الفرد العسكري بالقامشلي ـ للإستماع الى شهادة شهود الحق العام وكان الموكلون قد حرك الإدعاء العام بحقهم جرم اثارة النعرات الطائفية والمذهبية وتعكير الصفاء بين عناصر الأمة وفقا للمادة307من قانون العقوبات التي تنص على ان: كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها اثارة النعرات…

سليمان سليمان في الآونة الأخيرة، شهدت بعض المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي بياناتٍ ونقاشًا متصاعدًا حول الدعوة إلى إلغاء واجب العزاء، لا سيما في بلدان المهجر الأوروبي، إلى جانب مطالبات أخرى بإلغاء تقديم الطعام في مجالس العزاء. هذه الطروحات، رغم أنها تُقدم أحيانًا بوصفها وحسب وجهة نظر أصحابها حلولًا تواكب نمط الحياة الحديثة، لكنني، مع كل الاحترام والتقدير لهم، أعتقد أنها…