المهندس عباس حمدوش
تواجه الحركة السياسية الكوردية في سوريا اليوم لحظة مفصلية تفرض عليها إعادة النظر في هياكلها التنظيمية وآليات عملها في ظل تحولات محلية وإقليمية متسارعة وتغيّر طبيعة الصراع السياسي. وفي هذا المشهد المعقّد يبرز إدماج الجيل الجديد وتمكين الكفاءات الشابة كأحد أهم متطلبات التغيير الضروري لاستعادة حضور الأحزاب الكوردية ودورها الوطني.
لقد أثبتت التجارب الحديثة في المنطقة أن تجديد البنية القيادية ليس مجرد عملية إدارية بل خطوة استراتيجية لإطلاق رؤى جديدة تتقاطع مع تطلعات الشارع الكوردي وتعزز قدرة الفاعلين السياسيين على التفاعل مع الملفات الحساسة التي تمسّ مستقبل سوريا عموماً ومناطق الوجود الكوردي على وجه الخصوص. فالمؤسسات الحزبية التي تستمر في الدوران في الحلقة ذاتها دون ضخ طاقات شابة تجد نفسها عاجلاً أم آجلاً خارج دائرة التأثير وعاجزة عن تقديم الحلول المطلوبة.
إن دخول جيل جديد من المتخصصين والأكاديميين وأصحاب الخبرة التقنية يفتح المجال أمام صياغة سياسات أكثر واقعية ومرونة ويمنح الحركة السياسية الكوردية فرصة حقيقية للتعامل مع التحديات الراهنة من التحولات في ميزان القوى الدولية إلى بروز مشاريع اقتصادية وأمنية جديدة في المنطقة وصولاً إلى مستقبل الحوارات الكوردية –الكوردية والسورية
ومع تسارع المتغيرات التي يشهدها الملف السوري يبدو أن لحظة التغيير الداخلي باتت ضرورة لا مفرّ منها وليست مجرد مطلب قاعدي. فالاعتماد المستمر على نفس الأسماء والوجوه القيادية أصبح يشكّل عبئاً على الأحزاب الكوردية ويحدّ من قدرتها على تمثيل شعبها بجدارة في مرحلة دقيقة تتطلب مهارات سياسية عالية وقراءة استراتيجية واسعة.
إن تجديد القيادات ليس خروجاً على التاريخ السياسي للحركة بل هو امتداد طبيعي له يضمن انتقالاً سلساً بين الأجيال ويحافظ على الإرث النضالي من جهة ويؤسس لمرحلة أكثر ديناميكية وفاعلية من جهة أخرى.
لذلك فإن السير نحو إصلاح داخلي حقيقي يشمل إعادة هيكلة المؤسسات وتوسيع قاعدة المشاركة وتمكين الشباب والنساء يشكّل حجر الأساس لبناء دور كوردي قوي في مستقبل سوريا الجديد.