موقف المجتمع المدني الكوردي: رفض أي مسار منفرد نحو دمشق خارج التفاهم الكوردي

تؤكد مؤسسات المجتمع المدني الكوردي، وفي هذا الظرف الحساس الذي تمرّ به القضية الكوردية في سوريا، أنّ موقفها ثابت وواضح وغير قابل للمساومة: لا شرعية لأي حوار أو تفاوض مع دمشق يجري خارج إطار التفاهم الكوردي الجامع، ولا قيمة لأي مسار منفرد يفتقر إلى الغطاء الشعبي والمؤسساتي الموحّد.
فالقضية الكوردية ليست ملكاً لحزب أو جهة أو فرد، بل هي ملكٌ لشعبٍ كامل قدّم التضحيات عبر عقود طويلة، ومن حقه أن يكون القرار المصيري معبّراً عنه لا عن مصالح ضيقة أو حسابات شخصية. 

 
المجتمع المدني الكوردي… المسار الثالث وصوت الضمير العام

إننا، بوصفنا مؤسسات مجتمع مدني مستقلة، لا نمثّل طرفاً سياسياً، ولا نعبّر عن أجندة حزبية؛ بل نحمل مسؤوليتنا الأخلاقية باعتبارنا المسار الثالث: مسار الشعب وضميره ووعيه الجماعي.
هذا المسار هو الذي لا يتورّط في الاستقطابات السياسية، ولا يتأثر بضغوط العواصم أو إغراءات غرف التفاوض المغلقة، بل ينظر إلى الصورة الأوسع: حماية الهوية، وصون الحقوق، والحفاظ على وحدة المجتمع الكوردي، ومنع أي طرف من التصرف باسم شعب كامل دون تفويض وطني جامع.

إن المجتمع المدني الكوردي هو اليوم خط الدفاع الأول عن الإرادة الشعبية، في وقتٍ تتعرض فيه القضية الكوردية لمحاولات التفكيك والتشويه، سواء عبر مسارات سياسية ضيقة أو من خلال مقاربات انتقائية تحاول إعادة الشعب الكوردي إلى دائرة التهميش التي عرفها طويلاً.
الذهاب المنفرد إلى دمشق… خطوة تثير الشبهات وتعرّض القضية للخطر

تاريخ العلاقة بين دمشق والقضية الكوردية واضح: وعود لفظية، وابتسامات دبلوماسية، ومراوغات لا تنتهي، مقابل استمرار سياسات المركزية، وإنكار الحقوق، ومحاولة شراء الوقت لفرض حلول أحادية الجانب.
ومن هنا، نرى أن أي زيارة أو تواصل أو تفاوض يتم مع دمشق بشكل منفرد، دون توافق كوردي–كوردي، لا يمكن اعتباره خطوة مسؤولة أو وطنية.
بل هو مسار يثير الشكوك حول أهدافه، ويدفع بالمشهد نحو مزيد من التشويش والانقسام، ويعيد إنتاج أخطاء الماضي التي دفعت شعبنا أثمانها باهظة.

نحن لا نخوّن أحداً، إذ أن التخوين سلاح ضعيف ولا يليق بالحياة السياسية، ولكننا نقول الحقيقة بوضوح:
من يذهب إلى دمشق من خارج التوافق الكوردي يخاطر بإضعاف الموقف الوطني الكوردي، ويقدّم خدمة مجانية للسلطة التي احترفت اللعب على الانقسامات.
ومن هنا، فإن تقييم أي خطوة من هذا النوع يجب أن ينطلق من معيار واحد: هل تعزز وحدة القرار الكوردي؟ أم تعمّق التباين وتضعف الصف الوطني؟
وحدة القرار الكوردي… الضامن لحقوق شعبنا ومستقبله

إن وحدة الصف ليست شعاراً عاطفياً، بل هي ركيزة استراتيجية.
فالتجارب المعاصرة في المنطقة تثبت أن الشعوب التي تفاوض متفرقة تُهزم متفرقة، وأن من يفقد وحدته يفقد موقعه ووزنه وحضوره. ولهذا نعتبر أن أي محاولة للالتفاف على التوافق الكوردي ليست مجرد مبادرة فردية، بل هي تهديد مباشر لمكتسباتٍ تحققت بدماء الشهداء وتضحيات المجتمع.

إننا ندعو جميع القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها، والعودة إلى طاولة التفاهم الكوردي–الكوردي بروح المسؤولية لا بروح المنافسة. فالمرحلة لا تحتمل رفاهية الانقسام ولا ترف الحسابات الضيقة.
كما ندعو شعبنا إلى رفع صوته في وجه كل مسارٍ يهمّش إرادته أو يتجاوز مكتسباته، فالحقوق لا تُمنح بل تُنتزع بوحدة الإرادة وقوة الموقف. 

 
دور المجتمع المدني… حماية السلم الأهلي والمصلحة العليا

سيواصل المجتمع المدني الكوردي أداء دوره كصوتٍ وطني حرّ يحمي السلم الأهلي، ويقاوم محاولات تفتيت المجتمع، ويرفض مشاريع التلاعب بالمشهد السياسي.
كما سيستمر في الدفاع عن المبادئ التي تضمن العدالة، والمشاركة الديمقراطية، وحق الشعب في تقرير مصيره ضمن سوريا ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، تحترم حقوق جميع مكوناتها. 

 
ختاماً

إننا نعلن بوضوح لا لُبس فيه:

 
وحدة القرار الكوردي خط أحمر. وأي ذهاب إلى دمشق بصفة فردية، أو أي مسار يتجاوز الإرادة الجمعية، هو خطوة غير مسؤولة تُدخل أصحابها في دائرة الريبة السياسية والأخلاقية، وتضع مستقبل شعبنا أمام مخاطر نحن بغنى عنها.
وسيبقى المجتمع المدني الكوردي، كما كان دائماً، صوت الحقّ وضمير الناس وحارس التوازن الوطني.

تيار المجتمع المدني الكوردي:

  1. منظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكردي
  2. جمعية المرأة الكردية – النمساوية
  3. المنظمة الألمانية الدولية للتنمية والسلام
  4. كوملى زوزان للفلكلور
  5. منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا
  6. تجمع المعرفيين الأحرار
  7. شبكة الجيوستراتيجي للدراسات


الموقع الرسمي
https://civilsociety2023.geo-strategic.com/

البريد الإلكتروني
geostrategic2018@gmail.com

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…