زاهد العلواني آل حقي
تعيش الساحة السياسية الكردية في سورية حالة من التشتت لا تخفى على أحد، عشرات الأحزاب تحمل الأسماء ذاتها والمطالب ذاتها، لكنها تفرّق نفسها بنفسها في خلافات جانبية أنهكت الشارع الكردي وأضعفت حضوره السوري الوطني.
لقد آن الأوان لوقفة صادقة، ولإعادة بناء مشروع سياسي واقعي، موحد، ومؤثر داخل الوطن السوري، اليوم وليس غداّ.
– ضرورة تشكيل حزبين فقط، إن تعدد الأحزاب بهذا الشكل لم يعد دليلاً على التنوّع الفكري، بل أصبح سبباً مباشراً للعجز والضعف، الحل ليس في المزيد من اللافتات والشعارات والتنافس على إسم ” كردستان” بل في توحيد الصفوف ضمن إطارين فقط:
+ حزب يميني (محافظ – ليبرالي).
+ حزب يساري (اجتماعي – ديمقراطي).
بهذه الصياغة، يتنافس الحزبان على خدمة الناس والوطن، لاعلى تسجيل المواقف على بعض، بل يجب أن يتحول الخلاف السياسي إلى تنافس شريف داخل البيت الواحد السوري، لا اقتتالاً ولا خصومة عبثية والانطلاق من مشروع وطني جامع.
من خلال تحليل نفسية الشارع الكُردي، أني أرى نجاح أي مشروع كردي في سورية لا يكون بالانغلاق، بل بالاندماج الوطني. الحزب الذي يجعل “النهوض بسورية ورفاهية المواطن السوري” هدفاً أولياً، سيحظى باحترام الجميع، عرباً بمختلف مشاربهم وكرداً وسرياناً وغيرهم.
وعندما يرى المواطن السوري أن هذه الأحزاب تعمل لأجل رفاهية المواطن والتعليم والصحة والبنية التحتية والعدالة والدستور، سيكفّ عن النظر إليها كأحزاب قومية كردية ضيقة، وسيراها كقوى سياسية وطنية مسؤولة، عندها سنرى أبناء المحافظات كافة ذوي الأصول الكردية سيجدون إطاراً سياسياً واضحاً ينتسبون إليهم، وستصبح القاعدة الانتخابية للحزبين واسعة ومنتشرة في معظم المدن السورية، ومنافسة للأحزاب التي سيتم الترخيص لها.
وأما دخول البرلمان سيكون أمراً عادياً بل قد يصل أحد الحزبين ليكون ثاني أكبر كتلة سياسية في سورية، فالقوة السياسية تأتي من التنظيم لا من العدد، ومن وضوح الرؤية لا من كثرة اللافتات.
وأما المفاجئة الكبرى،
حين تنضج التجربة، لن يكون غريباً ، أن تتحالف قبائل عربية ومسيحية مع هذه الأحزاب لأنها ستجد فيها شريكاً وطنياً صادقاً.
يجتمع العرب والكرد والمسيحية، تحت برنامج سياسي اجتماعي واقتصادي مشترك، تُبنى كتلة سورية عابرة للقوميات، هدفها الدولة المدنية، العدالة، والازدهار.
هذه هي سورية التي يجب أن تكون ويريدها الجميع، لا تهميش فيها ولا إقصاء، بل مشاركة وندية واحترام متبادل.
وأخيراً ، ياسادة ياكرام، أنتم أمام فرصة تاريخية، إن توحّدتم في حزبين، وصغتم مشروعاً وطنياً حقيقياً، وركّزتم على خدمة المواطن، فإن المستقبل السياسي سيكون مفتوحاً أمامكم، وستصبحون رقماً صعباً في المعادلة الوطنية السورية والأنتخابات القادمة ” الزمن تغيّر” والمرحلة لا تحتاج مماطلات وشعارات، بل حكمة، وحدة، وانضباط سياسي.
والله من وراء القصد .