صلاح عمر
سربست نبي…
ليس مجرد اسم.
إنه العاصفة التي تنفخ في رماد الوعي حتى يشتعل، والقبس الذي يشقُّ عتمة الخنوع ليعيد للروح الكوردية بريقها الأول.
هذا الرجل لم يأتِ بالكلمة كزينة لغوية، بل حملها كما يحمل المقاتل بندقيته: بثبات، بيقين، وبقصدٍ واضح لا يرتجف. جعل من اللغة خندقاً، ومن الفكرة سلاحاً، ومن المقالة جبهة مواجهة لا تقل ضراوة عن ميادين القتال. فكانت كلماته أعمق من فجوة المدافع، وأبعد مدى من كل صاروخٍ سقط على أرضٍ اعتادت الظلم.
سربست لم يبدأ من الأرض… بل من العقل.
لم يفتح المدن، بل فتح العقول المقفلة.
لم يقاتل دفاعاً عن حزب، بل دافع عن أمة.
لم يقدّس زعيماً، بل قدّس الحقيقة.
لم يرفع راية سلطة، بل رفع راية شعبٍ حُرم حقه في الوجود.
هو الذي أدرك أن تحرير الجغرافيا يبدأ بتحرير الوعي، وأن كل أرض تُستعاد قبل العقل ليست سوى أرضٍ مهددة بالسقوط من جديد.
اليوم، حين تنهال عليه الحملات الجبانة، فإنها ليست إلا محاولة بائسة لخنق صوتٍ صار أكبر من كل محاولات التشويه. إنهم لا يحاربون سربست لأنه ضعيف، بل لأنه قوي؛ لا يهاجمونه لأنه أخطأ، بل لأنه أصاب كبد الحقيقة؛ لا يقفون ضده لأنه وحيد، بل لأنه يمثّل ما يخشونه: وعياً حراً لا يُشترى، ضميراً لا يُباع، وقامةً فكرية لا تنحني.
سربست نبي اليوم ليس فرداً…
إنه روحُ قضية، ووجهُ شعب، وصوتُ مرحلة.
هو الأكاديمي الذي نزل من برج الفلسفة ليغمس قلمه بتراب الوطن، والمثقف الذي ترك التنظير البارد ليكتب بالنار، والمفكر الذي رأى الحقيقة عارية فوقف معها بلا خوف.
هو الجندي المجهول الذي قاتل بلا خوذة، والمقاتل المعروف الذي كتب بلا تردد.
التضامن مع سربست ليس تضامناً مع شخص، بل مع شرف الكلمة.
هو تضامن مع العقل الذي قاوم التزييف، مع القلب الذي لم يخضع للمساومة، مع الحلم الذي يريد لسوريا الكوردية أن تنهض من الرماد.
إلى الذين يشوهونه اليوم نقول:
كلما اشتدّ عداؤكم، ازداد لمعان الحقيقة.
وإلى الذين يفهمونه نقول:
هذه ليست معركة رجل…
هذه معركة وعي أمة تتشكل من جديد.
وسربست نبي…
سيبقى، ليس لأنه يريد البقاء،
بل لأن الحقيقة – حين تجد صاحبها – ترفض أن تموت.
هذا هو حارس قلعة كوردستان سوريا…
يقف حيث يجب أن يقف،
ويقول ما يجب أن يُقال،
ويكتب ما يهزُّ الجبال.
وستبقى كلماته خندقاً،
ورؤيته راية،
وصوته وعداً…
بأن الوعي الكوردي لن يُهزم بعد اليوم.