هل من  تغيير بالعقيدة الامريكية تجاه القوميات ؟

صلاح بدرالدين

  المجتمع الأمريكي من اكثر المجتمعات بالعالم تنوعا من النواحي العرقية ، والثقافية ، والجنسية ، فبخلاف اهل البلاد الأصليين من الهنود الحمر الذين عاشوا الحياة البدائية لقرون غابرة ، والذين انقرضوا بمرور الزمن ، هناك مئات الملايين من مهاجرين من عشرات  الانتماءات القومية ، والثقافية  لشعوب أوروبا ، وافريقيا ، وآسيا ، وامريكا اللاتينية ، وأستراليا تعاقدوا منذ انتصار الثورة الامريكية بقيادة جورج واشنطن بالقرن الثامن عشر على الولاء للدستور الأمريكي  للولايات المتحدة بولاياتها التي اكتملت الخمسين لاحقا ، في ظل النظام الاتحادي ( الفيدرالي ) ، والتحدث باللغة الانكليزية كلغة موحدة رسمية .

  انتصر الشمال على الجنوب بالحرب الاهلية بالقرن التاسع عشر ومنع ذلك تقسيم البلاد ، ولأسباب عديدة بينها التنوع العرقي والثقافي ، والعبودية ، ومحاولات التجزئة ، والتحكم الاستعماري الإنكليزي ، والاسباني ، ساد تصور سلبي لدى النخبة الامريكية من كل ماله علاقة بالقومية والعنصر داخل أمريكا وخارجها ، وفي حين وقف الرئيس الأمريكي ويلسون مع مبدأ حق تقرير مصير الشعوب الا ان السياسة الامريكية بالعالم والشرق الأوسط بشكل خاص لم تكن يوما مع حركات الشعوب التحررية وكمثال الموقف المعادي لحقوق الكرد والفلسطينيين طيلة القرون الماضية ، والعلاقة المتينة مع الأنظمة الشوفينية بالمنطقة التي تضطهد الشعوب والقوميات .

  منذ نهاية الحرب الباردة ، وتحديدا في العقدين الأخيرين ، بدأت تلك السياسة تشهد بوادر تغيير ، ففي هذا العام ( ٢٠٢٥ ) وللمرة الأولى نلحظ اعترافا رسميا من أصحاب القرار بتعددية مجتمعات المنطقة القومية ، والثقافية ، وضرورة عيش عناصرها بوئام وسلام ، فقد جاء ببيان السفير الأمريكي بانقرة ، والمبعوث الرئاسي الى سوريا – توماس باراك – حول زيارة الرئيس السوري الانتقالي احمد الشرع الى أمريكا :   ” الشرق الأوسط، بطبيعته، فسيفساء حية: منطقة منسوجة من ثقافات وأديان وقبائل وتقاليد لا تُحصى. وسوريا، في داخلها، تشكّل فسيفساء داخل تلك الفسيفساء، أرضًا تشاركت فيها شعوب وأديان مختلفة لقرونٍ طويلة، وعانوا من نفس العواصف، ويسعون الآن إلى نفس السلام. وفي التفاعل الدقيق بين هذه الطبقات، يكمن التحدي والوعد بتجديد المنطقة ” ( ١٢ \ ١١ \ ٢٠٢٥ )  ، اما وزير الخارجية الأمريكي فقد صرح بالتاريخ ذات : ” السوريون يريدون إنشاء حكومة وطنية تمثل كل عناصر المجتمع السوري ويشعرون فيها بالأمان ” .

  كما أرى فان هذه الرؤية الامريكية الواقعية الجديدة ستساهم إيجابيا في حل القضايا العالقة بالمنطقة وسوريا تحديدا وخاصة القضية الكردية في كل من سوريا وتركيا ، والقضية الفلسطينية حيث تم تعديل مبادرة – ترامب – المعروضة امام مجلس الامن لتضم قيام الدولة الفلسطينية والتي تتزامن مع تطوير وتعزيز العلاقات الامريكية مع العهد الجديد في سوريا ، ومع معظم بلدان المنطقة ، بعد القضاء على نفوذ ايران ، واذرعه في سوريا ، ولبنان ، وغزة ، والحملة المستمرة لإزالة الميليشيات المسلحة التي تمارس الحروب بالوكالة .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…