مصطفى عبد الوهاب العيسى
في ختام سلسلة مقالات مام في الشام برؤية عربية ، وقبل أن أُرسل رسالتي لمام جلال أقول : إن من أجمل ما لُقِّبت أو اشتُهرت به مدينة السليمانية هي أنها عاصمة الثقافة الكردية ، و ليس لزاماً على الباحث في شخصية مام جلال العيش في دمشق أو السليمانية ، و لكن من عرف المدينتين سيفهم كيف انعكست إقامة مام جلال فيهما على شخصيته النادرة ، و لا أعلم حقيقة إن كان لمام جلال و حبه لدمشق دوراً في أن نلاحظ أو نُحس بوجود الكثير من أوجه التشابه بين المدينتين ، ولكن هذا التشابه هو ما دعاني الآن لأن أُطلق على السليمانية لقباً جديداً وهو : ( شامُ الكرد أو دمشقُ كردستان ) .
فهنيئاً لشام الكرد و دمشق كردستان ذلك النصيب الكبير من الكرد المميزين والذين أتمنى أن لا يكون آخرهم مام جلال .
وختاماً أُوجه رسالتي هذه كعربيٍ لصديقي مام جلال شخصياً ، وأُرسلها عن طريقه لجميع الكرد حول العالم ممن آمنوا بالأخوة العربية – الكردية ، وأقول فيها بعد التحية والسلام :
صديقي العزيز مام جلال :
“لا أصدقاء سوى الجبال” هو العنوان المكرر الذي لم ولن أستطيع قبوله يوماً رغم جماله وعمقه و شاعريته ، فأنا صديقك و صديق الكرد مثلما أنت صديقي وصديق العرب .
أؤمن كثيراً بما ورد في الإنجيل و قرأناه مئات المرات ( ما جمعه الله لا يُفرّقه إنسان ) .
من يُفرِقني عن صديقٍ يُحادِثني بلغتي ، و في بعض الأحيان يُعاني في تواصله معي ويُكابد في سبيل إيصال الفكرة لي ، و طبعاً لا أُعاني أبداً مما يعانيه بسبب جهلي وقلة معرفتي بلغته ، والمصيبة الأعظم أن لا أُقدّر جهوده ، و ما تميز به عني .
من يُفرِقني عن زميلِ دراسة وعن زميل العمل ، ومن يُفرِقني عن طفلٍ شكاني لوالدي فضربني من أجله !
من يُفرِقني عن حبيبةٍ .. عن زوجةٍ .. عن سهرةٍ ومهندسة .. عن أُمٍ ومُعلّمة !
من يُفرِقني عن جارٍ يواسيني ، و طبيبٍ يُعالجني .
كنتُ أتمنى أن أوجه كلمة لبعض القوى والقيادات السياسية المتطرفة و المُحاربة لهذا الشعار ( الأخوة العربية – الكردية ) ، ولكن ما منعني هو أبيات شعر جميلة اعتاد صديقك الأستاذ عبد الحميد درويش تكرارها على مسامعنا :
قد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تُنادي
وقد أشعلت لو نفخت ناراً
ولكن أنت تنفخُ في الرماد
صديقي العزيز مام جلال :
قضيتك العادلة هي قضيتي بامتياز .
قضيتك العادلة هي قضيتي كمسلم يؤمن بالحق والعدل ، و كعربي أصيل لا يقبل أن يقع الظلم على جاره ، و كسوري لأنها في سوريا من أهم القضايا السورية الوطنية .
قضيتك العادلة هي قضيتي كإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا بمشاركتك الإنسانية .
سنبقى معاً و جنباً إلى جنب بإذن الله .