الوطن يبدأ من الجذور، من مدينتك الى كردستان الكبرى

مسلم شيخ حسن – كوباني

في ظل الظروف التاريخية والسياسية التي مر بها الشعب الكردي تبرز الحاجة الماسة إلى الوعي الذاتي والمسؤولية الفردية والجماعية في مواجهة التحديات التي فرضتها عقود من التهميش والإضطهاد . فالإيمان الحقيقي بالقضايا القومية لا يقاس بالشعارات أو الخطابات الرنانة بل يتجلى في أفعال وممارسات يومية التي تعبر عن صدق الانتماء والالتزام بمبادئ التضحية والعمل من أجل الصالح العام.

تبدأ الوطنية الحقيقية والصادقة بحب الإنسان لأرضه وأهل مدينته وبشعوره بالانتماء الحقيقي لمجتمعه المحلي. فكيف يمكن لمن لايحب كوباني ولا يقف إلى جانب أهلها أن يدعي حبه لمهاباد وآمد وهولير ولبقية أجزاء وطنه العظيم؟ من لا يدافع عن مدينته الأولى لن يستطيع الدفاع عن وطنه بأكمله لأن الولاء الحقيقي يبدأ من الجذور من الأرض التي نشأ فيها الإنسان وتربى على قيمها.

لذلك، على كل فرد أن يكون قدوة لمحيطه، صادقاً مع نفسه ومع أبناء وطنه، قريباً من هموم الناس وأفراحهم ومعاناتهم. فالوطن لا تبنى بالشعارات بل بالتضامن والتكاتف الصادق والتكافل بين أبناء شعبها. وعندما يتوحد الهدف والإحساس بالمسؤولية تجاه المدينة أو القرية تتشكل القاعدة الأولى لبناء مجتمع قادر على الدفاع عن كرامته وحقوقه المشروعة.

إن الحديث عن الدفاع الشعب الكردي في جميع أنحاء كردستان لا يختلف عن الاعتراف بحقيقة الانقسام السياسي الذي فرضته القوى الدولية وفق مصالحها . ومع ذلك، فإن هذا الواقع على الرغم من صعوبته لا ينبغي أن يضعف روح الوحدة الكردية. بل على العكس ينبغي أن يكون حافزاً لتعزيز التعاون والوحدة بين ابناء أجزاء كردستان الأربعة من خلال ترسيخ القيم المشتركة في الوعي الجماعي دون إنكار خصوصية كل جزء من هذه الجغرافية المجزأة.

وبناءً على ذلك فإن المعيار الحقيقي للانتماء يكمن في قدرة الإنسان على العمل من موقعه في خدمة أهل مدينته أولاً ومن ثم أمته جمعاء . عندما نكون واقعيين مع أنفسنا ونعترف حجم التحديات والمسؤوليات المتزايدة التي تقع على عاتقنا تجاه مدننا المقسمة على الأجزاء نكون قد خطونا الخطوة الأولى نحو تحقيق الحلم الأكبر في الحرية والكرامة.

وهكذا، فإن الوعي بالذات والانطلاق من بالانتماء المحلي لايتعارضان مع المشروع القومي الشامل بل يشكلان ركيزته الأساسية. لأن من يبدأ بالإصلاح من محيطه الصغير سيكون أكثر قدرة على المشاركة في بناء الوطن الكبير كردستان بكل ماتحمله من تنوع وأمل ومستقبل.

15 / 10 / 2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…