خالد حسو
من السهل إطلاق الاتهامات وتجاهل حقائق التاريخ، خصوصًا عندما يتجاهل المرء الدور العميق والجوهري الذي أدّاه القائد مسعود بارزاني على مرّ عقودٍ من النضال. بعيدًا عن الادعاءات السطحية التي تحاول اختزال تاريخه في “إدارة المشاكل”، فإن بارزاني كان وما زال رمزًا وطنيًا، وحجر الأساس لاستقرار كردستان العراق، وجسرًا يربط تاريخ الشعب الكوردي بنضاله المستمر من أجل الحرية والاستقلال …
بعد رحيل الرئيس جلال طالباني، الذي كان رمزًا للدبلوماسية، لم يكن غياب بارزاني الأب عن المشهد إلا نتيجة لرغبةٍ منه في ترك الساحة للقادة الجدد؛ إلا أن هذا لم يكن بمعنى التخلي عن دوره أو مسؤولياته، بل كان بمثابة اختبارٍ لقوة المؤسسات الكوردية التي ساهم هو نفسه في بنائها، والتي أصبحت اليوم قادرة على الاستمرار في نهجه …
دور بارزاني في إدارة الأزمات بروح القيادة
بارزاني لم يكن يومًا مجرد “مدير للمشاكل”، بل كان صانعًا للحلول حين غاب الأمل وازدادت التحديات. خلال السنوات العصيبة، استطاع بارزاني الحفاظ على استقرار كردستان رغم الهزات العنيفة التي شهدتها المنطقة؛ بدءًا من الحروب الطائفية في العراق، وصولاً إلى مواجهة تهديدات تنظيم داعش، الذي هدد بتدمير كل شيء. كان بارزاني في تلك الأوقات العصيبة رمزًا للأمل، حيث قاد قوات البيشمركة التي حافظت على الأمن وحمت الأراضي الكوردية وأقليم كوردستان …
الديمقراطية والاستقلال في نهج بارزاني
بالحديث عن الديمقراطية، يجب أن نتذكر بأن بارزاني كان دائمًا مؤمنًا بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره. في عام 2017، كانت رؤية الاستفتاء الذي دعا إليه للتأكيد على حق الشعب الكوردي في الاستقلال تجسيدًا لإرادة شعبية حقيقية، والتي رآها الكثيرون كتتويج لنضالٍ طويل. هذا الحدث التاريخي أثبت أنه قائدٌ يسير بإرادة شعبه، وأنه لم يكن أبدًا قابعًا في “حلقة عائلية ضيقة”، كما ادعى البعض …
في واقع الأمر، السياسة الكوردية، كما هو الحال في معظم دول العالم، قد تجد قادة من نفس الأسرة، وهذا ليس غريبًا ولا مرفوضًا في أي سياق ديمقراطي إذا كان الشعب يدعم تلك القيادة. الشعب الكوردي، الذي رأى في بارزاني رمزًا للأمان والاستقرار، هو من منح الثقة له ولأسرته للاستمرار في قيادة الإقليم نحو الأفضل …
بارزاني: زعيمٌ يواجه التحديات ويبني كردستان القوية
مسعود بارزاني لم يكن يومًا قائدًا يسعى إلى إدارة المشاكل فحسب؛ بل كان يسعى دومًا إلى بناء كوردستان قوية تتحدى الأزمات، وتثبت وجودها أمام العالم. قضايا أربيل مع بغداد، أربيل مع السليمانية، أو حتى مع قنديل، كانت ولا تزال جزءًا من تحديات الدولة، وقد أدار بارزاني هذه الأزمات بحنكة القائد الذي يعرف كيف يوازن بين الأطراف ويضع مصلحة الشعب الكوردي فوق كل اعتبار …
الخلاصة: بارزاني رمزٌ وطني وقائد للأجيال
التاريخ سيذكر بارزاني كأحد أهم قادة الشعب الكوردي، كقائد ناضل في ميادين القتال والدبلوماسية على حد سواء. إن ما قدّمه من تضحيات وتفانٍ لا يمكن تلخيصه بمقالاتٍ تتجاهل حقائق التاريخ وتجافي المنطق. بارزاني هو رمز للكرامة والنضال، وسيبقى في ذاكرة الأجيال قائدًا كرس حياته لخدمة كوردستان، ولم يكن يومًا “مديرًا للمشاكل”، بل كان دائمًا صانعًا للحلول، ومثالًا للزعيم الذي يقود شعبه بحبٍ وولاء لا يتزعزع …