ما السبيل إلى خلاص شعوب الشرق الأوسط بشكل عام والكوردي بشكل خاص؟.

شكري بكر
أعتقد أن الخلاص الوحيد لشعوب الشرق الأوسط يكمن في الأيديولوجيا الفكرية والسياسية والتنظيمية .
فما هي الأيديولوجيا ؟.
أقرب تعريف للأيديولوجيا هو علم الأفكار لدراسة مدى صحة أو خطأ الأفكار التي تحملها شعوب المنطقة .
ويمكن إدراج الأيديولوجيا بمفهومين :
الأول : العمل المشترك في بناء الفرد ثم بناء الشعوب على إختلاف الأعراق والأديان والألوان .
الثاني : العمل على فرض سلطة ما من قِبل فئة قومية أو دينية على شعب أو شعوب بأكملها .
ومن هنا ينشأ الصراع بين الشعوب لإختلاف الأيديولوجيات .
فالإختلاف الأيديولوجي هو الذي يُولد الصراع ، فكلما كثرت الأيديولوجيات يكثر الصراع بأشكاله المختلفة معتمدا مبدأ الخصوصية القومية أو الدينية .
فالأيديولوجيا هو صراع بين مفهوم وحدة الشعوب ضمن إطار كل شعب .
فالوحدة تأتي بقادة يهدفون إلى صيانة المصلحة العامة لشعب ينشد طريق خلاصه .
والقسمة تأتي بقادة يعملون على صيانة مصلحة فئوية ضيقة عبر فرض سلطة ما بهدف نهب خيرات شعوبها .
الشعب الكوردي جزء لا يتجزأ من شعوب المعمورة ، المتجذر بهويته التاريخية والحضارية كأقدم شعب في المنطقة على وجه الأرض ، الذي يعيش على أرضه التاريخية كوردستان .
هنا سؤال يفرض نفسه بقوة :
ما الذي دفع الكورد إلى التقسيم والتجزئة؟.
أعتقد أن هناك ثلاث أسباب :
الأول : أن الكورد لم يفكروا يوما لقيام دولة خاصة بهم ، لكونه لم يعتمد نظرية الغزو وفرض سياسة الأمر الواقع .
الثاني : بعد نشوء الحضارة السومرية الكوردية التي وضعت أسس ونظم وقوانين لسيرورة الحياة ، والتي مازالت يعمل به حتى الآن ، التي ساهمت في قيام الإمبراطورية الميدية هي إمتداد للحضارة السومرية والتي إتسعت رقعتها على مساحة واسعة من منطقة الشرقين الأدنى والأوسط .
ومع إتساع رقعة الإمبراطورية الميدية مما أدى ببعض الشعوب التي قدِمت إلى المنطقة بحثا عن عيش كريم وآمن ، وعلى مر التاريخ قامت بعض هذه الشعوب بإعتماد مبدأ القوة عبر تشكيلهم لجيوش وتدريبهم على فنون القتال بهدف خوض حروب ضد الإمبراطورية
الميدية ، كالإخمينيين والآشوريين ، حيث إنهيارت الإمبراطوردية الميدية على يد التحالف الفارسي الآشوري ، مما أدى بالكورد إلى فقدان ما كانوا يملكون من قوة .
الثالث : التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لشعب كوردستان من قِبل القوى الإقليمية والدولية .
فيما بعد بسطت الإمبراطورية الفارسية سلطتها على المناطق التي كانت تخضع لسلطة الإمبراطورية الميدية ، حيث عمدت سياسة التفريس بتلك المنطقة ، حيث قامت بتزوير التاريخ والحضارة وتنسيبها إلى الإمبراطورية الفارسية الجديدة النشء مقارنة بالإمبراطورية الميدية .
بعد ذلك تشكلت الإمبراطورية العثمانية وبهوية إسلامية وزحفها نحو الشرق الأوسط حتى شمال أفريقيا ، إلى أنها خاضت حربا ضروسة مع الإمبراطوردية الفارسية ، مما دفع بالإمبراطوريتين إلى التتفاوض والتي توجت بمعاهدة قصر شيرين والتي تم بموجبها تم تقسيم كوردستان إلى قسمين ، الجزء الفارسي والجزء العثماني .
ومع مجيء الإستعمار الأوربي الأنكلوا الفرنسي اللذان عمدا إلى جعل منطقة الشرق الأوسط عرضةً لمناطق نفوذ بينهما بموجب إتفاقية سايكس بيكو السيئة الصيت ، وكوردستان كانت الضحية الأولى لهذه الإتفاقية المشؤومة ، والتي مر عليها أكثر من مئة عام ، وعلى أنقاض الحرب العالمية الأولى والثانية أدى إلى ظهور نظام دولي ذات قطبين :
الأول : النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
الثاني : النظام الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفيتي السابق .
أعتقد إقامة كيان إسرائيلي في فلسطين له الدور الكبير في تغيير خارطة الأوسط الجديد ، من خلال وقوفه إلى جانب القوى الراعية لعملية التغيير التي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية .
مرحلة التغيير هذه مع بداية الحرب في أفغانستان التي كانت مركزا للعصابات التي تتاجر بالمخدرات ، ثم الحرب الأهلية في لبنان ، ثم الإنقلاب الأمريكي على شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي كان يمثل نظام ذات الأقلية السنية . وقيام ما سمي بالثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني ونقل السلطة السياسية فيها إلى الشيعة الذين يشكلون الأغلبية في المجتمع الإيراني أولا .
ووضع إيران لمواجهة دول الخليج ثانيا ولقيام إيران ببدورها بزرع الفوضى في منطقة الشرق الأوسط عبر تشكيل أحزاب وتيارات عقائدية تابعة لها وتقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي للمساهمة في إنتشار الفوضى بشكل أكبر وعلى أوسع نطاق في الشرق الأوسط ، وتدخلها في شؤون العديد من دول المنطقة ، كالعراق وبعض دول الخليج ، وسوريا ولبنان والقضية الفلسطينية واليمن هذا ثالثا .
ولولا إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق وتفتيتها إلى دول مستقلة لما برزت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وكقطب وحيد يتصدر في قيادة العالم بعد تحولها من دولة رأسمالية إلى دولة بتبني النظام الديمقراطي ، وبناءاً على هذا الأساس جاء طرح النظام العالمي الجديد أي نحو أمركة العالم .
وأهم القضايا المعيقة لهذا المشروع هو الشرق الأوسط المتعدد الأعراق والأديان ، وأعتقد أن إقامة الدولة الإسرائيلية عام 1948من القرن الماضي لها علاقة مباشرة بالشرق الأوسط الجديد ، وقد تكون هي نقطة البداية في وضع مشروع الشرق الجديد أو الكبير .
والمرحلة التي نجتازها اليوم قد يكون الملف الكوردي في المنطقة هو نقطة النهاية لتحقيق شرق الأوسط الجديد .
ما المطلوب كورديأ ؟.
بداية أعتقد أن حركة التحرر الوطني الكوردستاني وبجميع أحزابها عليها القيام بمراجعة ذاتية لمجمل سياساتها الماضية التي كانت مبنية على ثقافة الإنقسام والتجزئة والإقصاء ، والإنتقال بها إلى تبني ثقافة الوحدة القومية سياسيا وتنظيميا ، والدعوة لعقد مؤتمر وطني كوردستاني يحضره كافة القوى السياسية الكوردية في المنطقة ودون إستثناء والإتفاق تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر المنشود وذلك لتحقيق هدفين :
الأول : إنتخاب هيئة قيادة تمثل حركة التحرر الوطني الكوردستانية كورديا وإقليميا ودوليا .
الثاني : إنجاز المشروع القومي الكوردستاني لحل القضية الكوردية في المنطقة ، ينهي الصراع القائم في المنطقة منذ أكثر من قرن .
وأعتقد أن بوادر الحل كثيرة في المنطقة أهمها :
1 – إقامة كونفدرالية أوسع في المنطقة تضم كل من ، إيران ، تركيا ، العراق سوريا ، لبنان ، الأردن ، فلسطين ، إسرائيل وكوردستان .
2 – إقامة كونفدرالية خماسية تضم كل من إيران ، تركيا ، العراق ، وسوريا ، وكوردستان .
3 – ضم كافة أجزاء كوردستان إلى تركيا وإقامة دولة كونفدرالية كوردية تركية .
4 – منح كل شعب من شعوب المنطقة حقه في تقرير المصير .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…