تسمية الثورة السورية بين المفهوم والواقع   …

حسن مجيد 
إن الانطلاقة الأولى أمام الظلم والاستبداد والقبضة الأمنية التي كانت تتحكم بكل مفاصل الدولة والتي كانت بمثابة السيف القاطع على رقاب الشعب السوري عموما كانت البداية  عبر الانتفاضة العارمة للشعب الكوردي في عام –  ٢٠٠٤ – من أحداث ملعب قامشلو والتي راحت ضحيتها الأبرياء من أبناء الشعب الكوردي بعد أن انكسر فيها لأول مرة حاجز الخوف عندما تم تحطيم تمثال حافظ الأسد في قامشلو  لكن للأسف تم إخمادها لأنها لم  تلقى الاستجابة من باقي أطياف الشعب السوري بالرغم من السيف المسلول على رقابهم .
استمر الوضع حتى  آذار  ٢٠١١  عندما انفجر الوضع في الحريقة بدمشق وتلتها بأيام في درعا ورويدا رويدا حتى  شملت كل المحافظات السورية ولايخفى على أحد بأن الكورد كانوا مشاركين بقوة في تلك الانتفاضة . (لن أخوض الكتابة في تفاصيل هذا الحراك   لفترة – ١٤ – عام من عمر تلك الانتفاضة ) .
وذالك للانتقال إلى  المراد من كتابة هذا المقال والوقوف على المفاهيم الصحيحة  للثورة والتي من المفروض أن تنطلق من أسس متينة وتستند إلى عناصر لتحقيق الاهداف المرجوة والمطلوبة لعموم الشعب السوري فالاستبداد وحده لم يكن كافيا .
  فمنذ البداية كنت أقف ضد تسميتها بالثورة لسبب واضح وصريح ألا وهو فقدان العنصر الأساسي ألا وهو قيادة الثورة والبرنامج الثوري للعمل عليها كسوريين وليس كطائفة وحدها . 
فبدل تسمية الحراك أو التظاهرات أو الانتفاضة العارمة  واستبدالها بالثورة  كان  اجحافا بمكانة الثورة وبآلام الشعب السوري بكل فئاته لأن المفهوم العلمي للثورة هو الانتقال من الحالة السيئة إلى حالة نوعا ما  افضل من قبلها ولو بقفزة محدودة  بينما في بلادنا تتسم بالرجوع إلى حالة أسوأ من سابقاتها بقفزات كبيرة وبوجهة نظري السبب  الرئيسي عدم نضوج العنصر الذاتي   وفقدان ثقافة الثورة وغياب المشروع الوطني للثورة التي تجتمع عليها كل السوريين بل وتمت أسلمتها بصورة جلية وواضحة والنتائج أكبر برهان على ذالك . 
 إن الحالة التي انطلقت منها الجماهير  في سوريا كانت أشبه بالفوضوية ولم تكن منظمة  وللأسف عبر سيرورة أكثر من عقد ونييف لم يستطع هذا الحراك تلبية شروط النجاح واستكمال الدائرة مابين الظروف الموضوعية والذاتية  للانتقال إلى حالة أفضل من سابقتها ولو بقفزة محدودة على العكس تماما وبالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب بكل اطيافه .
 للأسف حتى هذه اللحظة لم يرتقي هذا الحراك الى شرف تسميته بالثورة .
ببساطة ماحصل ويحصل يوميا بمجيء هذا النظام الجديد بعد عملية الاستلام والتسليم في بدايات هذا العام ٢٠٢٥ لايرتقي بالمطلق إلى النتائج المرجوة واحلام الشعب السوري في الانتقال إلى حالة أفضل من عهد الأسدين  الأب والإبن أو  اعتبارها مرحلة انتقالية توحي بأننا أمام واقع يمكننا الإعتماد عليه أو توصيفها جسرا للنجاة  على العكس تماما نعيش في واقع سوداوي يوحي بأننا نغرق في بحر من الجمود العقائدي والرجوع ربما إلى واقع أسوأ من سابقتها وهذا ما لايتمناه أحد ولكن للأسف ماجرى في الساحل والسويداء والحشود نحو شمال وشرقي سوريا لايبشر بالخير .
الثورة مفاهيم راقية وثقافة وأهداف تخدم الإنسان .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…