عبد الرحمن حبش
في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها القضية الكوردية في سوريا والمنطقة عموماً يبرز السؤال الجوهري هل من حق الأطر والأحزاب الكوردية أن تنفتح على مختلف الجهات السياسية والدبلوماسية سواء كانت دولية أو إقليمية أو محلية بما يخدم تطلعات الشعب الكوردي وحقوقه؟ الجواب الواضح هو نعم بل إن هذا الحق ليس خياراً ثانوياً وإنما ضرورة سياسية وواقعية تفرضها طبيعة الصراع وتشابك المصالح.
فالسياسة في جوهرها فن إدارة العلاقات وبناء الجسور مع الآخرين ومن البديهي أن أي حركة أو إطار سياسي كوردي لا يستطيع أن يعزل نفسه عن محيطه ولا أن يكتفي بخطاب داخلي موجَّه للجمهور الكوردي فقط. فالمعادلات التي تُرسم في دمشق أو أنقرة أو طهران أو موسكو أو واشنطن لها انعكاسات مباشرة على مستقبل الكورد في سوريا ومن هنا فإن الانفتاح على مختلف هذه الجهات عبر قنوات دبلوماسية أو لقاءات سياسية يمثل حقاً مشروعاً لكل قوة كوردية تسعى لتأمين مصالح شعبها.
غير أن هذا الحق لا يعني أبداً التفريط بالمبادئ أو تقديم التنازلات المجانية بل يقتضي امتلاك رؤية واضحة واستراتيجية عقلانية تقوم على التمسك بالثوابت الوطنية الكوردية، بحيث تكون الغاية من أي لقاء أو حوار تعزيز الاعتراف بالوجود القومي والحقوق المشروعة للكورد في سوريا وضمان مشاركتهم في أي حل سياسي قادم إلى جانب التحلي بالبراغماتية السياسية وإدراك أن الأطراف الأخرى تتحرك وفق مصالحها وهو ما يفرض على المفاوض الكوردي أن يوازن بين ثوابته وبين المصالح المشتركة الممكنة دون الانجرار إلى اصطفافات ضيقة.
لقد أثبتت التجارب أن إقصاء أي طرف كوردي عن قنوات الحوار والتواصل يؤدي إلى فراغ تستغله قوى أخرى للتحدث باسم الكورد أو تهميشهم ولذلك فإن كل مبادرة أو لقاء سياسي ودبلوماسي يجب أن يُنظر إليه من زاوية نتائجه العملية هل يعزز الموقف الكوردي؟ هل يفتح أفقاً للحلول؟ هل يساهم في بناء حلفاء للقضية الكوردية؟
إن وحدة الموقف الكوردي لا تتحقق بإغلاق الأبواب بل بانفتاح مختلف الأطر السياسية على القوى والجهات المعنية مع الحفاظ على التنسيق الداخلي وتبادل المعلومات بحيث يتحول حق التواصل إلى قوة تفاوضية جماعية لا إلى منافسة سلبية أو تناحر داخلي.
فإن أي حراك سياسي كوردي يلتزم بالثوابت ويستثمر كل فرصة للتواصل مع الفاعلين الدوليين والإقليميين إنما يخدم القضية الكوردية ويقرّبها من تحقيق أهدافها ولهذا يجب أن يُنظر إلى هذا الحق باعتباره ركيزة أساسية من ركائز النضال السياسي الكوردي لا كخيار مثير للجدل أو مجال للتخوين.
وفي الختام يحق لكل إطار سياسي كوردي التواصل واللقاءات السياسية والدبلوماسية مع أي جهة كانت يخدم القضية الكوردية