خالد حسو
من يتخلى عن قضيته الوطنية والمصيرية، تحت أي ذريعة كانت ــ تكتيكًا أو سياسة أو حسابات وقتية ــ لن يحصد إلا العار والخذلان.
فالتاريخ لا يكتب أسماء المتخاذلين، بل يطمرها في هوامشه السوداء، والشعوب لا تحفظ للجبناء سوى لعنات متوارثة.
من يتوهم أن بإمكانه أن يبرر التراجع عن الحق بالمناورة، إنما يخدع نفسه قبل أن يخدع شعبه، فالمساومة على الدم خيانة، والتنازل عن الأرض سقوط، والتفريط بالكرامة انتحار وطني،
إن التخلي عن حق تقرير المصير ليس سياسة ولا دهاءً ولا تكتيكًا؛ بل هو انكسار الروح، واستقالة الضمير، وقطع شريان الحياة عن أمة تناضل منذ قرون. هو جريمة لا تُغتفر، وخيانة لا يسقطها الزمن.
ومن يرتكبها، يخرج من الصف الوطني كما يخرج الجسد الفاسد من بين الأحياء،
ألا تعلمون أن الحقوق الكبرى لا تُنال بالرجاء، ولا تُسترد بالانتظار، بل تُنتزع انتزاعًا بالصمود والتضحية والإصرار؟! الحرية لا تُمنح صدقة، والسيادة لا تأتي على طبق من ذهب، والكرامة لا تُستجدى من موائد السادة.
إنما تُكتسب بالعزم والإرادة، وتُصان بالدم والعرق والدموع.
أيها المناضلون:
إن بقي في صدوركم رمق من إيمان، فلا تتركوا جذوة النضال تخبو، ولا تسمحوا للخيانات أن تنخر الصفوف.
اثبتوا حيث تزلّ أقدام المتخاذلين، واصبروا حين يهرب الجبناء، فالنصر لا يُهدى، بل يُصنع بصلابة الموقف وإيمان الأحرار.
تذكروا دائمًا: لا مكان في ذاكرة التاريخ لمن باع شعبه، ولا عذر لمن خذل أمته.
أما أنتم، فاثبتوا حتى النهاية، فإن النصر قدرٌ محتوم، يولد من رحم الصمود، ويكتبه أولئك الذين لم يساوموا ولم ينحنوا.