دمشق – ولاتي مه – شفيق جانكير :
في اليوم الأول من زيارتي إلى العاصمة دمشق، كان في استقبالي الصديق العزيز محمد خضر ولي، عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، حيث جرى اللقاء في مبنى البرلمان السوري. وبعد استقبال حار واستراحة قصيرة في إحدى قاعات المبنى، تبادلنا الأحاديث الودية واستعدنا ذكريات اللقاءات الأولى في مدينة عامودا، إبان الأيام الأولى للحراك الثوري، ثم اللقاءات اللاحقة في إسطنبول، وسعينا معا لتأسيس القسم الكردي في موقع الائتلاف وموقع الحكومة المؤقتة، وذلك بالتنسيق مع الدكتور عبد الباسط سيدا، وكذلك مع مستشار رئيس الحكومة المؤقتة الأستاذ زردشت محمد (القيادي السابق في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا)، الذي أبدى اهتماما كبيرا بالفكرة وسعى جديا لدى رئيس الحكومة، قبل أن تتم الموافقة على إشهار القسم الكردي في موقع الائتلاف.
واستمر التواصل بيننا رغم انتقاله إلى مدينة ماردين لتأسيس مكتب ماردين للحكومة المؤقتة بين عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٤م وكذلك تأسيس منظمة ريحان للتنمية، لخدمة اللاجئين السوريين، ودعم صمودهم، وحصوله هناك على إجازة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة ماردين عام 2020 وهو حاليا طالب ماجستير وهو في طور إعداد ومناقشة أطروحته حول العودة الطوعية للاجئين في ظل المرحلة الانتقالية في ذات الجامعة.
من جهة أخرى لا أنسى موقفه المشكور في مساعدتنا سابقا على تجديد الاشتراك السنوي لسيرفر موقع “ولاتي مه”، عبر أحد معارفه في السعودية، حيث مقر الخادم، إذ قام بتحويل المبلغ إلى البنك قبل أن نتمكن من إيصاله إليه بطرق معقدة.
جولة في البرلمان السوري
بعد الاستراحة، رافقني الأستاذ محمد ولي في جولة داخل قاعة البرلمان التي بدت صغيرة المساحة، بكراس متلاصقة، وأثارت في نفسي مشاعر متباينة، إذ مرت أمامي صور الأحداث التي شهدتها القاعة، من مراسيم وقرارات وقوانين، أبرزها تعديل الدستور بما يخدم الرئيس السابق. التزمت بعدم التصوير التزاما برغبة عناصر الأمن الداخلي المرافقين لنا.
انتقلنا بعدها إلى القاعة المخصصة للجنة العليا للانتخابات، حيث التقطنا صورا تذكارية، قبل أن نغادر إلى أمام مبنى البرلمان لالتقاط صور إضافية. تكررت لقاءاتنا في الأيام اللاحقة، وفي اليوم الأخير من الزيارة أقام الصديق محمد ولي مأدبة غداء في فندق الياسمين الراقي، جمعتنا بعدد من أصدقائه وزملائه، منهم الدكتور عماد يعقوب برق، عضو اللجنة العليا للانتخابات، والأستاذ نوار رهاوي، المكلف بفتح مكتب إعلامي لوزارة الإعلام في محافظة الحسكة، بعد تطبيع الأوضاع.
وقد أبدى الأستاذ نوار اهتماما بالاستماع إلى مقترحاتنا، مؤكدا حرصه على العمل برؤية منفتحة في التعامل مع جميع المكونات، وتجنب أخطاء النظام السابق الذي مارس التعتيم على الوجود الكردي وسعى لطمس هويته.
كان من دواعي سروري الكبير التعرف إلى الشبكة الواسعة من العلاقات التي نسجها الأستاذ محمد ولي مع طيف متنوع من الإعلاميين والنشطاء والشخصيات الوطنية البارزة، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين في السلطة الجديدة. كما يتميز بنشاط ملحوظ في القنوات الإخبارية الكردية والعربية، سواء عبر المداخلات المباشرة أو من خلال المشاركة في البرامج الحوارية.
تكريم وشهادة
خلال المأدبة، جرى تكريم كل من الأستاذ محمد ولي والإعلامي دلخواز محمد بدرع موقع “ولاتي مه” بمناسبة الذكرى عشرين لتأسيسه، تقديرا لجهودهما. وفي تصريح مقتضب للموقع، عبر ولي عن شكره للتكريم، مشيدا بدور “ولاتي مه” في تشكيل وعي وطني وقومي ساهم في الوصول إلى مرحلة التحرير والعمل لبناء سوريا كدولة قانون تحترم حقوق جميع مواطنيها وتصون كرامتهم.
حول عمل اللجنة العليا للانتخابات
تحدث الأستاذ محمد ولي عن طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، مؤكدا أن البلاد وصلت إلى محطة تأسيس برلمان جديد وفق مخرجات مؤتمر النصر والإعلان الدستوري المؤقت، بعد حل مجلس الشعب السابق الذي كان قائما في ظل النظام البائد.
وأوضح أن الظروف الحالية حيث – نحو 8 ملايين سوري داخل البلاد وخارجها، ومشاكل السجل المدني وعدم توفر الوثائق الرسمية لنسبة كبيرة من المواطنين، وغياب الأمن في عدة محافظات وهي ما تزال خارجة عن سيطرة الدولة السورية – لا تسمح بإجراء انتخابات مباشرة. ولهذا، نص المرسوم الرئاسي رقم (66) على آلية انتخابية غير مباشرة، من خلال هيئات انتخابية في كل محافظة وفق معايير محددة، على أن تقسم الدوائر الانتخابية على مستوى المناطق، استنادا إلى إحصاء عام 2011 الذي قدر عدد سكان سوريا بأكثر من 24 مليون نسمة.
وبين ولي أن البرلمان سيتألف من ٢١٠ عضوا وفق الصيغة النهائية للنظام الانتخابي المؤقت، ينتخب ثلثاهم عبر اللجنة العليا على مرحلتين (تشكيل الهيئات الناخبة على مستوى المناطق من خلال اختيارهم من قبل اللجان الفرعية من شخصيات يتوفر فيها حوالي ١٧ شرطا ومعيارا وفيما بعد يتم إجراء الانتخابات بينهم ضمن الدائرة الانتخابية)، فيما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي وفق معايير تضمن التمثيل العادل والكفاءة كما ورد في الإعلان الدستوري المؤقت. وأكد أن اللجنة العليا، المكونة من 11 عضوا يمثلون مختلف أطياف المجتمع السوري، ملتزمة بالعمل بشفافية واستقلالية لاستكمال مهمتها.
وعبر عن أهمية الرقابة الشعبية في هذه الانتخابات غير المباشرة من خلال انخراطهم بشكل فعال في تقديم الطعون والاعتراض على أعضاء اللجان الفرعية في حال وجود إثبات واضح على العضو بعدم توافر اي من الشروط والمعايير، وكذلك على أعضاء الهيئة الناخبة في الدائرة الانتخابية في حال وجود إثبات بعدم توافر الشروط وتحقيق العضو لها.
في المجمل أكد ولي إلى أن الهدف الأساسي من هذه الانتخابات الوصول لمجلس شعب يقوم بثورة تشريعية وقانونية تحرر البلد من قيود تشريعات وقوانين النظام البائد والانتقال بسوريا نحو دولة القانون.
شكر وتقدير
أعربت عن امتناني للأستاذ محمد ولي على حفاوة الاستقبال واهتمامه طوال فترة وجودي في العاصمة دمشق، ومتابعته لأخباري حتى عودتي إلى قامشلو ومغادرتي..








