الحكومة السورية المؤقتة إلى أين..

صديق ملا
الحكومة السورية المؤقتة وخلال الشهور الثمانية الماضية من توليها السلطة في دمشق لا تولي أي إهتمام لمشاكل الشعب السوري الداخلية وقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والحوار الوطني ، بل ترسخ ثقافة اللون الواحد والأيديولوجية الواحدة ، حتى بات ينظر إليها كنسخة مكررة من الإستبداد، ترتدي عبائة الشرعية الثورية وتمارس القمع باسم الحفاظ على وحدة البلاد، وإن استفراد منظومة الحكم في سورية بأيديولوجية عقائدية مذهبية سوف يدفع كل مكونات الشعب السوري نحو خيارات أكثر راديكالية ويغذي التوترات الداخلية، ويفسح المجال للتدخلات الخارجية ويقوض أي مشروع وطني جامع،
ولتجاوز هذه السياسات يتطلب إرادة سياسية حقيقية تقدم حلاً عادلاً وشاملاً…
الحقيقة أن هذه الحكومة المؤقتة لا تؤمن بالديمقراطية والعدالة والإنسانية و لذلك تعمل جاهدة على استحضار الإسلام السلفي الجهادي القائم على القتل والنهب والسبي ، ولذلك من الطبيعي أن لا تهتم بشؤون الرعية والعباد …..
ولهذا فإن الخلاص في سورية المستقبل لا يكمن في إعادة إنتاج المركزية الصارمة ، بل في تفكيك هذه المركزية لا عبر التقسيم بل عبر بناء نظام ديمقراطي فيدرالي ولامركزي ، يحفظ حقوق جميع المكونات السورية المختلفة ويعيد توزيع الثروات الوطنية على اسس العدالة الإجتماعية والمواطنة الحقة والمتساوية، ويمنح كل َمنطقة القدرة على إدارة شؤونها وفق خصوصياتها َ و في إطار الحفاظ على وحدة البلاد.
ذلك لأن النظام الديمقراطي التعددي اللامركزي الفيدرالي ليس مشروعاً طائفياً ، ولا خطراً إنفصالياً كما يدعيه ويروج له أصحاب الفكر الأصولي الجهادي الرجعي ومرتزقته على صفحات التواصل الإجتماعي ، وعبر أعلامه الموبوء وأبواقه المضللة في الفضائيات العربية بل هي ضرورة لحماية التنوع ((القومي والديني والعرقي))من الإقصاء والإلغاء، ولحماية الوحدة من الإستبداد والديكتاتورية المركزية المفرطة.
لاشك أن الدول لا تبنى من الأعلى ، بل تبنى من القواعد ، ومن الشراكة الحقيقية ، ومن احترام خصوصيات الجماعات والمكونات السورية المختلفة ، لا سحقها وإنكارها وتهميشها بإسم “الدين “.
فالجميع يقفون أمام إمتحان تاريخي صعب:
فإما أن يعودوا إلى دائرة الخراب والدمار ذاتها ، أو المبادرة بشجاعة إلى ترسيخ النظام الديمقراطي التعددي اللامركزي في البلاد وتثبيته لحفظ حقوق جميع مكونات الشعب السوري من “كرد وعرب ودروز وعلويين ومسيحيين …..” ذلك لأن الوطن الحقيقي لا ولن يبنى على الإقصاء والتهميش ، بل على الإعتراف بحقوق الآخرين ، ولا عبر الخوف والإقصاء والشطب والإنكار وهضم الحقوق ، بل من خلال إشاعة الأمن والأمان والطمأنينة.
وخلاصة القول:
“آن الآوان لرفع الأصوات عالية والقول علناً : الوطن للجميع ، وسوريا ليست ملكاً لشخص ٍولا حكراً لطائفة ٍ بعينها دون غيرها ، ولا لقبيلة ولا لعائلة ، بل لكل مواطنيها من دون تفرقة أو تمييز بين عرق وطائفة ودين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…