مظلوم عبدي ومفاوضات فرنسا المرتقبة هل يكون للوفد الكوردي المشترك دور هذه المرة…

أحمد تمر

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية ووسط تزايد الحديث عن ترتيبات إقليمية ودولية جديدة تتجه الأنظار نحو جولة جديدة من المفاوضات المزمع عقدها بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي وحكومة دمشق في فرنسا خلال الأيام القادمة.

تأتي هذه الخطوة في توقيت دقيق حيث يواجه المشروع الكوردي في سوريا جملة من التحديات المصيرية ليس فقط على مستوى الأمن والاستقرار بل أيضاً على مستوى التمثيل السياسي ووحدة القرار الكوردي. ولعلّ هذه الجولة من المفاوضات تمثل اختباراً حقيقياً لمواقف الأطراف الكوردية، وخاصة لقوات سوريا الديمقراطية، ومدى التزامها بالمشروع القومي الكوردي، لا العسكري فقط، بل السياسي أيضاً.
هل ما زالت التجربة تُكرر نفسها

لقد شهدنا في مراحل سابقة لقاءات واتصالات جرت بين قسد والنظام السوري بعيداً عن أي تنسيق مع القوى السياسية الكوردية الأخرى، وهو ما أثار الكثير من الانتقادات والقلق داخل الشارع الكوردي. تكرار هذا النهج يضعف من الموقف الكوردي، ويمنح النظام فرصة أكبر للتلاعب بالأوراق، وتفكيك وحدة الصف الكوردي.

ومع الإعلان عن هذه الجولة المرتقبة في فرنسا، يعود السؤال بقوة: هل سيُشرك مظلوم عبدي الوفد الكوردي المشترك المنبثق عن مؤتمر قامشلو هذا الوفد الذي وُلد من رحم الحاجة إلى تمثيل سياسي جماعي يعكس تطلعات مختلف شرائح المجتمع الكوردي في كوردستان سوريا.

وحدة الموقف الكوردي ليست ترفاً سياسياً
في هذا الوقت الحرج، لا يمكن أن تبقى المفاوضات شأناً فردياً أو قراراً عسكرياً بحتاً. الكورد في سوريا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة الموقف، وإلى تبني استراتيجية تفاوضية جماعية تُعبّر عن رؤى القوى السياسية والمجتمعية والحقوقية في المنطقة.

التشاور مع الوفد الكوردي المشترك لا يجب أن يكون خياراً أو مجاملة، بل ضرورة وطنية واستراتيجية لحماية ما تحقق، وللوقوف صفاً واحداً أمام أي محاولات لتهميش القضية الكوردية في الدستور السوري القادم أو في أي تسوية سياسية مستقبلية.

ننتظر من قائد قوات قسد أن يثبت حرصه الحقيقي على مصالح شعبه، وأن يدرك أن العمل العسكري لا يكتمل دون غطاء سياسي وطني جامع. إن فتح باب التنسيق والتشاور مع الوفد الكوردي المشترك سيوجه رسالة قوية إلى الجميع، بأن الكورد موحدون في رؤيتهم ومطالبهم، وأنهم مستعدون للدخول في أي حوار سياسي بشرط أن يتم ذلك بكرامة وموقف موحد.

المفاوضات القادمة مع دمشق قد تكون مفصلية، ليس فقط لمستقبل مناطق الإدارة الذاتية، بل لمستقبل الوجود الكوردي السياسي في سوريا. وإن كانت هناك نية حقيقية لتحقيق مكاسب سياسية، فعلى الجميع، وخاصة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أن يضع وحدة الصف الكوردي في مقدمة أولوياته. فالتاريخ لا يرحم من يتجاهل لحظاته الفاصلة.

1 آب 2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…