مسلم شيخ حسن – كوباني
بعد أكثر من خمسة عقود من الحكم الاستبدادي لنظام حافظ وبشار الأسد المخلوع وما خلفه من ويلات على سوريا أرضاً وشعباً تواجه الحكومة الجديدة في دمشق اليوم تحدياً حاسماً، إما تكرار أخطاء الماضي أو التعلم منها وإقامة نظام عادل وديمقراطي يشمل جميع مكونات الشعب السوري، دون تمييز قومي أو ديني أو طائفي.
عانى الكرد وباقي أقليات عرقية ودينية أخرى من سياسات الإقصاء والتهميش والحرمان من أبسط حقوقهم من الهوية والتعليم إلى المشاركة السياسية وصولاً الى الحرمان من الاعتراف الدستوري والثقافي. كما أدت هذه السياسات الإقصائية الى تأجيج الصراعات الداخلية وتغذية مشاعر الظلم والاستياء التي ساهمت في اندلاع الحراك الثوري عام ٢٠١١، والتي لا تزال تبعاتها مستمرة حتى يومنا هذا، من تشريد ونزوح ودمار شامل طال معظم أنحاء البلاد.
لذا، أمام الحكومة الجديدة في دمشق فرصة تاريخية لفتح صفحة جديدة على أسس الإنصاف والمصالحة والعدالة الوطنية. ولا يمكن لهذه البداية أن تكون جادة وصادقة إلا بالاعتراف الصريح بحقوق الشعب الكردي في سوريا والتي تتشكل ثاني أكبر قومية في البلاد وضمان تلك الحقوق في دستور جديد يعكس التنوع العرقي والديني والثقافي لسوريا ويضمن المساواة الفعلية بين جميع مواطنيها. كما ينبغي ان يتم تشكيل حكومة وطنية شاملة تشارك فيها جميع المكونات لا مجرد تمثيل رمزي بل مشاركة حقيقية في صناعة القرار وإدارة الدولة.
إن تجاهل هذه الحقائق أو محاولة طمسها يعني تكرار نفس دوامة الإقصاء والقمع مما سيقود البلاد إلى مزيد من الانقسامات والصراعات وقد يطيل أمد التشرد والدمار لعقود قادمة. أما إذا بنيت على أسس الشراكة الحقيقية والاعتراف المتبادل والتوزيع العادل للسلطة والثروة فستدخل سوريا مرحلة جديدة من السلام والوحدة الحقيقية يشعر فيها كل مواطن كردياً كان أم عربياً، آشورياً أم درزياً سنياً أم علوياً بأنه شريك متساوٍ في هذا البلد.
ختاماً، لن تكون هناك سوريا موحدة وآمنة دون حل سياسي جذري يبدأ من احترام جميع الهويات وحقوق الإنسان ويترجم ذلك في دستور ديمقراطي عصري يضمن الحقوق والحريات ويمنع تكرار أربعة عشر عاماً أخرى من سفك الدماء والدمار والتشرد.
30 / 7 / 2025