شادي حاجي
لا تخفى على متابعي الشأن السياسي الكردي في سوريا المراحل الطويلة، والصعبة، والشاقة، والوساطات التي تمت من قبل الأمريكيين، والفرنسيين، وأحياناً البريطانيين، والدور الرئيسي للرئيس مسعود البرزاني وإقليم كردستان العراق في سبيل وحدة الصف والموقف الكردي المشترك، إلى أن تمخّض عن هذا الحراك الذي دام عدة سنوات تشكيل الوفد الكردي المشترك المفاوض مع دمشق، بناءً على قرار كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روجآفا كردستان، بتاريخ 26 نيسان/أبريل 2025، في مدينة قامشلو، بهدف تمثيل الرؤية السياسية الكردية المشتركة التي أُقرت في الكونفرانس، في المفاوضات مع السلطة في دمشق.
علماً أن الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، كان مشاركاً رئيسياً في تلك اللقاءات والمفاوضات التي سبقتها، وبحضور الوسطاء الدوليين المذكورين أعلاه، كما حضر الاجتماع التأسيسي للوفد الكردي المشترك، مما يشير إلى دوره المهم في هذه العملية.
الحقائق الواردة تؤكد أن المفاوضات كان يجب أن تتم عبر الوفد الكردي المشترك المفاوض، الذي يمثل الرؤية السياسية الكردية المشتركة، لضمان تمثيل جميع الأطراف الكردية.
إلا أن ما يحصل حالياً هو أن الجنرال مظلوم عبدي، بصفته قائداً لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يتولى التفاوض مع النظام السوري بشكل مباشر، وبوساطة أمريكية وفرنسية، دون إشراك الوفد الكردي المشترك الذي تم تشكيله في إطار مؤتمر “وحدة الصف والموقف الكردي” في قامشلو، ما يشكل موقفاً غريباً من الأمريكيين والفرنسيين، لأنهم كانوا من الداعمين الأساسيين لتوحيد الصف والموقف الكردي، وهو ما يحمل طابعاً سياسياً حساساً، ويطرح إشكالية جوهرية تتعلق بتمثيل القرار السياسي الكردي في سوريا، خصوصاً فيما يخص المفاوضات مع دمشق، سواء جرت في دمشق أو عمّان أو باريس أو أي عاصمة أخرى مستقبلاً.
ما دام أن قوات سوريا الديمقراطية، ممثلة بالجنرال مظلوم عبدي، فاوضت، وعقدت، ودخلت في مفاوضات مع السلطة في دمشق، وتوصلت إلى اتفاقيات، وتستعد لعقد جولة من المشاورات والمفاوضات الأخرى مع السلطة السورية في باريس، دون إشراك الوفد الكردي المفاوض، فعليه – وهذا أضعف الإيمان – تمثيل الرؤية السياسية المشتركة التي أُقرت في كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في قامشلو.
من حيث التمثيل، من المفترض أن أي تفاوض مع جهة رسمية مثل النظام السوري الحالي في دمشق ينبغي أن يعكس الرؤية السياسية الكردية المشتركة، وخاصة أن هناك موقفاً كردياً سياسياً جامعاً، انبثق عن كونفرانس قامشلو.
إذا تجاهلت القيادة العسكرية، ممثلة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الجنرال، هذه الرؤية المتوافق عليها، دون الفصل بين التمثيل العسكري والتمثيل السياسي، فإن ذلك قد يؤدي إلى شرخ في الصف الكردي، لأن الجنرال مظلوم عبدي قائد عسكري، وليس ممثلاً سياسياً، لذلك يُفترض به – إن قام بدور تفاوضي – أن ينسق مع الوفد الكردي السياسي المفاوض الذي يمثل الرؤية المتفق عليها على الأقل، والأصح، ومن الواجب، والأفضل، أن يُترك الجانب السياسي للوفد الكردي المفاوض، وإلا فإن أي تصرف بخلاف ذلك قد يُعتبر خروجاً عن الإطار التوافقي، ويُضعف الموقف الكردي، ويُعرّض وحدة الصف للخطر.
وإلى مستقبل أفضل
ألمانيا في 26/7/2025