وطنٌ على قيد الحياة… أم سلطة على قيد الغنيمة؟

ياسر بادلي

أن تكون وطنيًا لا يعني فقط أن تنتمي لترابٍ وراية، بل أن تشعر بأن هذا التراب يسكنك، وأن تلك الراية تُظَلِّلك لا تُقصيك.

في الوطن الحقيقي، لا تكون المواطنة مجرّد هوية ورقية، بل عقد شرف بين الفرد والدولة. الدولة هي الحاضنة، هي التي تفرد ذراعيها لحمايتك، وتنسج لك خيوط العدل في الصحة والتعليم والعمل والكرامة. الدولة، حين تكون دولة، لا تسأل عن طائفتك ولا عن لهجتك ولا عن أصولك، بل تحتضنك على مبدأ أنك ابن الأرض، ابن الحكاية، ابن الدم الذي سُكِبَ من أجل بقائها.
لكن، كيف تُجبر قلبك على الولاء لوطنٍ لم يُنصفك؟
كيف تكتمل صلاتك في محراب وطن يُقصيك كلما نطقت؟
إذا صارت الدولة مؤسّسة تُدار بمزاج القابضين على السلطة، تُجزّئ الناس إلى مكونات، وتمنح الحقوق على أسس عرقية أو طائفية أو ولائية، فاعلم أنها فقدت قدسيتها. لم تعد وطنًا، بل صارت بنية هشّة، تهوي بمن فيها إلى القاع.

الدولة التي لا توزع خيراتها بعدل، ولا تقف على مسافة واحدة من أبنائها، ليست دولة، بل ظلّ باهت لفكرة الدولة.
الدولة التي لا تخاف على شعبها، ليست وطنًا بل جغرافيا مفروضة.

الوطن ليس شعارًا نردده في الأناشيد، بل هو جذرٌ يغذّي الانتماء.
هو العدل حين يضيع كل شيء.
هو الأمان حين تعصف بك رياح العالم.
هو بيتك الكبير، لا يطرد أحدًا من غرفه.

فالولاء للوطن الحقيقي هو فعل حب،
أما الولاء لسلطة لا تنصف، فهو فعل تنازل عن كرامتك.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…