قهرمان مرعان آغا
الدولة كإطار جامع ، ذات حدود سياسية وحيز جغرافي وسكان وكفهوم مجرد ، لا تمنح شرعية عمياء ، لنظام حكم مهما كان شكله ، لفرض هيبتها المفترضة بالقوة والغطرسة والتعسف في استعمال الحق .
لهذا فإن هيبة الدولة تتحقق بإلتزام الأفراد الطوعي للخضوع للقوانين واللوائح والأنظمة وهذه (الهيبة) تختلف في الدول المتخلفة ، الفاشلة ، عن دول العالم الحر .
فهيبة الدولة في العالم الحر تتمثل في احترام القانون و الآلية الطوعية لتنفيذه، أما في الدول الفاشلة تتمثل في استعارة الأفراد لهيبة الدولة ، فيما يتعلق بالمظهر و المنصب والتراتيبية الوظيفية ويمكن الاستدلال على أمثلة على هذه الأشكال من وسائل وادوات الحكم من خلال سلطة حزب البعث العربي الاشتراكي العنصري والفاشي في كل سوريا والعراق .
الدولة التي تمارس الحكم الرشيد ، سواء كان هذا الحكم انتقالياً أم دستورياً ، تمارس سلطاتها في ظل القوانين التي تضمن السلم الاهلي في المقام الأول .
أما عندما تتجاوز القوانين وتعمل خارجها فإن انفاذ القانون يصبح إرهاب. لهذا فإن معظم الدول القومية القائمة على العنصرية تجيز لنفسها ممارسة الارهاب المنظم بحق رعاياها من السكان وتخلق مبررات للتجاوزات على الحقوق والحريات العامة والخاصة على مستوى الأفراد و الجماعات .
الحكم الانتقالي في دمشق ، يعمل على ترسيخ مفاهيم النظام الساقط ، اسم الدولة ، شكل الحكم ، الاستئثار بالسلطة و الموارد ، توسيع دائرة الحكم بما يشمل كامل الجغرافيا السورية ما قبل الثورة ، دون اعتبار للحقائق التي يتمتع بها المختلف عرقياً ومذهبياً وطائفياً ، أعتماداً على جملة من المزايا التي توفرها الدولة ذاتها بشكلها الحديث ، كون سوريا لم تزل تحتفظ بعضوية الأمم المتحدة وبإعتراف إقليمي و دولي وعلاقات دبلوماسية مستغلاً علاقاته الخارجية النامية في مواجهة تطويع الداخل .
إضافة إلى ذلك ،الحفاظ على الهيكلية التراتبية للجيش العقائدي الفاشي و منح الرتب والانواط والنياشين على شاكلت مكرمات المجرمَين حافظ الأسد وصدام حسين .
استقوى النظام الاسدي المجرم بكيان الدولة وما لها من سماة عامة وخاصة في هذا العصر ، وفقاً لقوانينه ودساتيره المستفتى عليها أوالمعدلة بأمرها التي ابتدعها لمقاساته الأمنية و السياسية والاقتصادية من خلال التنكيل بالشعب السوري منذ انقلابه وحركته التخربية ، من خلال القضاء على الحريات العامة والخاصة، منع العمل السياسي و التكتل الاجتماعي والمهني الحر واباحوا لسلطانهم كل ما يسهل انقياد المجتمع ومارسوا ابشع انواع الموبقات والمظالم بحق المختلف عرقياً وطائفياً واستخدموا ارازل هذه المجتمعات المختلفة في سوريا نواطير و عسس و اخضعوهم لاختبارات التشبيح تمهيداً لارتكاب واستمرار الجريمة والإرهاب الذي مارسوه خلال أكثر من عقد من عمر الثورة المغدورة .
يبدو أن عقل السلطة والاستبداد لا يختلفان ، باختلاف الأزمان في هذا الشرق الذي يتوسطه شارة الطغيان لهذا فإن سلطة الحكم الانتقالي في دمشق ظل يستخدم ذات الاساليب في الدعاية و الاستقواء ، بذريعة بسط نفوذ الدولة وحصر السلاح بيد الحكم الجديد .
فالصور التي رافقت الهجوم الهمجي من قبل جيش العشائر والافخاذ والبطون ، سبقتها تحريض إعلامي على شاشات التلفزيون ومنصات التواصل بضرورة تحرير مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرق الفرات و محافظة السويداء ، كأنها مناطق محتلة من قبل العدو ، فيما كانت جلسات التفاوض مع الصديق الصهيوني تجري في باكو / ازربيجان برعاية تركية سبقتها لقاءات في الإمارات العربية المتحدة .
شخوص الحكم ذوي القربى يبدوا أنهم لم يقرؤو لوحة المتغيرات والتحولات السياسية التي اوصلتهم لحكم سوريا بعد أحداث غزة في 7 اكتوبر 2023 و التي لم تزل معاناة الأهالي فيها مستمرة وما تلاها من أحداث ، لهذا فإن استحضار الغزوات القبلية التي تبدأ بالإغارة على الخصم ، بطريقة انكشارية و بصبغة جاهلية حيث يتقدمهم صعاليك القوم يعيد للأذهان لقطات من فيلم ( لورانس العرب ) عند دخول أهل الصحراء إلى دمشق الفيحاء ، قبل أكثر من قرن .
الغريب في خطورة المرحلة بعد استهداف الطيران الاسرائيلي ارتال الدبابات التي لا تصلح سوى للحروب الداخلية في مواجهة الشعب الاعزل و تدمير رمزية السيادة ( مبنى اركان الجيش العربي السوري الباسل ، المجاهد ) واستهداف قصر الدكتاتور المجرم حافظ الأسد سابقاً و الرئيس الانتقالي الحالي ، لم يزل ذات الشخوص وذات الوجوه تتصدر شاشات التلفزيون الشبه رسمية والموالية . بأنه تم إنجاز مهمة إعادة هيبة الدولة إلى جبل العرب بموجب بيان مقتضب .
في 16.يوليو/تموز . 2025 .