بين الولاء للوطن وجحود الكراهية

مسلم شيخ حسن- كوباني

منذ نشوء الدولة السورية الحديثة لم يتوان الشعب الكردي في سوريا عن التضحية بأغلى ما يملك من أجل وطنه.فالتاريخ يشهد أن آلاف من أبناء هذا الشعب سقطوا على تراب سوريا، من أمثال يوسف العظمة، وإبراهيم هنانو، وأحمد البارافي وغيرهم الكثير ممن سطروا بدمائهم الزكية قصصاً بطولية دفاعاً عن وحدة الوطن وكرامة شعبه. لم تكن مشاركتهم طمعاً في منصب أو مكسب  بل إيماناً صادقاً بأن سوريا وطن الجميع بكل مكوناته القومية والطائفية والدينية.

ومع ذلك ورغم التضحيات التي لاتعد ولاتحصى لا يزال هناك من يضمر كراهية وحقداً دفيناً على هذا الشعب الأصيل . فبدلاً من الاعتراف بفضل الكرد في بناء الدولة السورية والدفاع عنها، نرى أصواتاً – مثل غسان عبود – تسعى إلى تأجيج الكراهية ونشر ثقافة التهميش والإقصاء. وهي ثقافة ترعرعت في مدارس فكرية شوفينية كمدرسة ميشيل عفلق التي نظرت إلى القومية العربية نظرة عنصرية ضيقة واعتبرت باقي القوميات “أتباعاً ” لا دور لها سوى الخضوع والإنكار.

للأسف لا تزال هذه الكراهية مستمرة وتمارس ثقافة الإقصاء هذه حتى بعد كل الكوارث والصراعات التي مر بها السوريون. فبدلاً من أن تكون المحن سبباً للتقارب والتصالح  تستغل من قبل البعض لإعادة إنتاج الكراهية القديمة في شكلٍ جديد.

ان الكرد الذين لم يبخلوا يوماً على سوريا بشيء كانوا ولا يزالون من أشد المؤمنين بوحدة البلاد وبحق جميع السوريين عرباً وكرداً وسرياناً وآشوريين وتركماناً في حياة كريمة وآمنة تليق بتضحيات من ضحوا بحياتهم دفاعاً عن هذا التراب . وما يطمح إلية الشعب الكردي اليوم ليس أكثر من الاعتراف المتبادل والاحترام المتبادل ضمن دولة عادلة وديمقراطية تعامل جميع مواطنيها على قدم المساواة دون تمييز.

أما الحديث عن الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت سوريا من حافظ الأسد إلى بشار الاسد ولا داعي لتكرارها هنا. فالجرح الأعمق اليوم هو في تلك النظرة العنصرية التي لا يزال تعشعش في عقول البعض رغم كل التضحيات المشتركة التي قدمها السوريون معًا.

إن تحرر سوريا الحقيقي لا يتحقق إلا بإنهاء ثقافة الإقصاء وبناء وطن يحتضن جميع مكوناته ويعترف بتاريخه كاملاً لا أن يمجد فئة وينكر تضحيات الأخرى. إلى متى سيقابل ولاء الأكراد بالجحود؟

إلى متى،يا أيها الشركاء الوطن سنتعلم من الماضي المرير ونستفيد من تجارب الماضي لننعم بالأمن والأمان وننهض من بين أنقاض مآسينا ، ما لم نقبل بعضنا البعض على تراب السورية العزيزة ونؤمن حقاً بأننا شركاء متساوون في هذه الوطن لا اسياد ولاتابعون بل أبناء عائلة واحدة، يجمعنا مصير مشترك وأمل واحد بوطن حر وديمقراطي يليق بتضحيات الجميع.

7 / 7 / 2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…