ماهين شيخاني
“الوطن” ليس مجرد رقعة جغرافية مرسومة على الخريطة، بل هو:
اللغة التي تنام في فم أمك، والرائحة التي تعبق بثياب جدّك، والجرح الذي تحمله القرية ولا يراه أحد.
الوطن هو الذاكرة الجمعية + الثقافة + الانتماء + التاريخ + الأرض.
وإذا غاب أحد هذه المكوّنات، صار “الوطن” مفروضًا بالقوة، لا مُعاشًا بالحب.
الوطن لمن..؟.
الوطن لمن ينتمي إليه بأفعاله وذكرياته ودمه وألمه وفرحه.
لا لمن جاء بخريطة سايكس بيكو، أو بخطاب قومي استعلائي.
بناء على ذلك:
الوطن للكورد إذا وُلدوا فيه، عاشوا عليه، زرعوه، وبكوا فوق ترابه.
وليس لمن يضعه تحت أقدام الطغاة ويُسكت أبناءه.
هل سوريا وطن للكورد..؟.
نعم، سوريا ككيان سياسي حديث هي موطن للكثير من الكورد،
لكن جزء كبير من شمال سوريا هو بالأصل جزء من كوردستان التاريخية.
المفارقة أن الكورد لم يأتوا إلى سوريا من خارجها، بل كانت الحدود هي التي جاءت عليهم.
على سبيل المثال: منطقة جبل الكورد (عفرين)، منطقة كوباني (عين العرب)، منطقة قامشلو ومحيطها، كانت دومًا مأهولة بالكورد منذ ما قبل الإسلام، وكانت مراكز ثقافية وتجارية كوردية على مر القرون.
حتى اسم “كورداغ” (جبل الكورد) سبق تأسيس الجمهورية السورية، ولا يمكن نكران ذلك.
لكن مع صعود الأنظمة القومية – خاصة في عهد البعث – تم إنكار الوجود الكوردي،
ومورست سياسات تعريب وتشويه:
– تجريد من الجنسية (إحصاء 1962)،
– الحزام العربي،
– منع اللغة الكوردية،
– تجريم الأسماء الكوردية…
وهكذا تحوّل الكورد من أصحاب أرض إلى “طارئين” بقرار سياسي، لا تاريخي.
كوردستان: وطن الكورد الحقيقي
كوردستان – الموزعة اليوم بين أربع دول – ليست “وطنًا بديلًا”، بل وطن الكورد الأصلي.
وما يريده الكورد ليس طرد أحد، بل الاعتراف المتبادل:
– أن يعترف العرب بأن الكورد ليسوا ضيوفًا،
– وأن يعترف الكورد بأنهم يريدون وطنًا عادلًا يتشاركونه، لا يتنازلون فيه عن هويتهم.
خاتمة :
الوطن ليس ورقة هوية، بل اعتراف متبادل.
إذا كانت سوريا وطنًا للجميع، فيجب أن تعترف بالكورد لا كـ”مكون”، بل كـ”شعب أصيل” له لغته وتاريخه وهويته.
وإن لم تفعل، فسيبقى الكورد يرون أن كوردستان – بوحدتها المنشودة – هي وطنهم الأول والأخير.