أحمد تمر*
يشهد الشرق الأوسط مرحلة دقيقة ومضطربة من تاريخه، حيث تتقاطع فيه الحروب الإقليمية مع أزمات داخلية عميقة، وتُعاد فيه رسم الخرائط السياسية بطرق غير مستقرة. تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل، توتر دائم في سوريا والعراق ولبنان، وسباق محموم بين القوى الكبرى لفرض النفوذ على حساب الشعوب المقهورة.
وسط هذه العواصف، يبقى الشعب الكردي أحد أكثر المكونات تهميشًا، رغم كونه من بين الشعوب الأكثر تماسكًا وتطلعًا للديمقراطية.
في سوريا، تواجه الإدارة الذاتية حصارًا سياسيًا واقتصاديًا، بين ضغوط النظام، وتهديدات أنقرة، وصمت المجتمع الدولي.
في العراق، يتعرض إقليم كوردستان لضغوط متزايدة من بغداد وطهران، تهدد وضعه الدستوري والاقتصادي.
أما في تركيا وإيران، فلا تزال سياسات القمع والإنكار هي اللغة الرسمية تجاه الكرد.
ورغم كل ذلك، ما زال الكرد يُثبتون قدرتهم على بناء نماذج سياسية وإدارية تستحق الاحترام، وعلى مقاومة محاولات الإقصاء بالعقل والتنظيم.
لكن هذه القوة بحاجة إلى وحدة وطنية كردية شاملة، ومشروع سياسي واضح يعبر عن تطلعات الشعب الكردي في جميع أجزاء كردستان.
إن ما يجري في الشرق الأوسط اليوم ليس مجرد نزاعات عابرة، بل هو إعادة رسم لموازين القوى والخرائط السياسية، وربما تكون فرص الشعوب في تحقيق العدالة والاعتراف الحقيقي أقل من أي وقت مضى، ما لم تتحرك بوعي ومسؤولية.
لهذا، فإن على القوى الكردية في سوريا، والعراق، وعموم المنطقة، أن تُدرك أن المستقبل لا يُصنع بالانتظار، بل بالمبادرة والتكاتف، والعمل السياسي الذكي.
وأن لا تكون ورقة بيد أحد، بل طرفًا فاعلًا في المعادلة.
*ممثل اللقاء الوطني الديمقراطي في إقليم كوردستان و في ممثلية المجلس الوطني الكوردي بإقليم كوردستان
17 حزيران 2025