شكري بكر
بداية أردت أن أبدأ مقالتي هذه بالمثل الشائع:
“الكلام الِك يا كنة إسمعِ يا جارة.”
في الصراع الإسرائيلي الغربي مع إيران، من هي الكنة ومن هي الجارة؟
وأعتقد أن إيران هي أكثر دول المنطقة التي تخدم المشروع الغربي، وأكبر دليل على ذلك أن إيران هي من جلبت الشر إلى المنطقة بدءا من الحرب العراقية الإيرانية، ودعمها للإرهاب عبر شبكات مختلفة، بدءا من حزب الله اللبناني، وحزب العمال الكوردستاني، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، إلى حركة الجهاد الإسلامي، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، إلى الحشد الشعبي العراقي، والحوثيين في اليمن، ووقوفها إلى جانب النظام السوري البائد قرابة نصف قرن، وقتل الشعب السوري منذ يومه الأول من اندلاع الثورة السورية، وسرقته عبر تسليح بعض الفصائل التابعة لنظامه.
بالمقابل، قام الغرب بطرح مسرحية تهدف إلى وضع خارطة جديدة للشرق الأوسط، بعنوان “الحرب على الإرهاب” بغرض تمرير مشروع “لبننة الشرق الأوسط” مجدداً، وترشيح إيران لأخذ دور البطولة في هذه المسرحية، وقبولها للعب هذا الدور، وكانت البداية بتقسيم الإسلام إلى محورين: أحدهما إرهابي وآخر معتدل.
وقد حقق الغرب بعض جوانب هذه المسرحية عبر قيام إسرائيل بالحرب على قطاع غزة، ووضع حركة حماس في وضع مشلول، وتدميرها للبنية التحتية لحزب الله اللبناني، واغتيال أمينه العام حسن نصرالله، وبعض الرموز المتنفذة في قيادة الحزب، ثم إجبار الدكتاتور بشار الأسد على ترك السلطة والفرار إلى روسيا، والذي لم يعرف ما مصيره في المستقبل القريب أو البعيد.
لكنه في النهاية، سيتم تسليمه إلى السلطة الجديدة في دمشق التي استلمت السلطة نتيجة صفقة إقليمية دولية.
وفي سياق متصل بمشروع تغيير المنطقة وإعادة لبننتها، فإن ما طرحته تركيا من مشروع للسلام الكوردي التركي يصب بهذا الاتجاه، ولم تأتِ مبادرة عبدالله أوجلان إلا في هذا السياق، والتي طالب فيها بتخلي الحزب عن الكفاح المسلح، ومن ثم حَلِ نفسه، ودخوله في معترك النضال السياسي في تركيا بآلية سلمية ديمقراطية.
وإن كانت ملامح هذا المشروع لا تزال غير واضحة تماماً، إلا أنه سيتضح قريبا وسيفضي إلى حلول منصفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل لمشروع السلام التركي علاقة مباشرة بمشروع التغيير المنشود في المنطقة؟
الجواب: نعم.
إذاً، ما هي أوجه العلاقة؟
بتتبع الأحداث التي جرت في منطقة الشرق الأوسط نستنتج ما يلي:
بداية، هناك سؤال هام، الجميع يبحث عن جواب له، ألا وهو:
لماذا لم تعلن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على الجناح الإيراني في الحركة السياسية الكوردية، والمتمثل بحزب العمال الكوردستاني، علما أنه كان مدرجاً ضمن قوائم الإرهاب الدولية؟
ماذا نفهم من هذا الاستنتاج؟
نفهم أنه قد تُرك ملف حزب العمال الكوردستاني لتركيا، وإتاحة المجال لها للتعامل مع هذا الملف بالسبل السلمية، من خلال طرح مشروع السلام مع الكورد، وبناء على هذا المشروع جاءت مبادرة الأمين العام للحزب بترك السلاح، وحل الحزب، ومطالبته بالضمانة من الزعيم مسعود بارزاني لمشروع السلام مع تركيا، وبإشراف سيادته.
وما دعوة أوجلان للقاء كل من الزعيم مسعود بارزاني، ورئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، ورئيس حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل وشقيقه قوباد طالباني، بالإضافة إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إلا في هذا السياق. وعلى عجالة في الموضوع، فقد أجرى أمس اتصالا هاتفيا مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
ومن المؤكد أن ما جاء في الاتصال له علاقة مباشرة بالسلام الكوردي-الكوردي والكوردي-التركي.
أخيرا وليس آخرا، فإن تركيا ماضية في مشروعها مع الكورد، إلى جانب ذلك هناك مسارات في المصالحة الكوردية-الكوردية، وما كونفرانس وحدة الصف والموقف الكوردي إلا من نتاج تلك المصالحات، ولا زلنا في بداية مسار هذه المصالحة.
من جانبها، إيران ماضية في لعب دور البطولة في مسرحية التغيير الخاصة ببناء الشرق الأوسط الجديد ببعديه السياسي والجغرافي.
ختاما، أقول إن الكورد سيكون لهم دور مهم في إقامة شرق أوسط جديد، ونحن على أعتاب الذكرى الثامنة والستين لتشكيل أول نواة سياسية كوردية في سوريا باسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا.
المجد والخلود لروح الخالد الملا مصطفى البارزاني، منبر نهج الكوردايتي.
المجد والخلود لشهداء الكورد وكوردستان.
تحية إجلال وإكبار للرواد الأوائل.
عاشت الذكرى الثامنة والستين للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا.