ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا – القسم الخامس

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف الأحزاب والفصائل الكوردية لضمان حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، من خلال تقديم رؤى وتحليلات متعددة الأبعاد. يسعى “ولاتي مه” إلى توفير فهم أعمق لوضع الكورد في سوريا وآفاقهم المستقبلية وتكوين رؤية مشتركة حول مجمل القضايا التي ترتبط بالقضية الكوردية في سوريا.

 

القسم الخامس: تضم مشاركات كل من السادة:

– عدنان بدرالدين: كاتب .

– فادي مرعي: رئيس مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكوردي في سوريا .

– فرحان مرعي: عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكـردستاني- سوريا .

– فرمز حسين: كاتب .

=============

عدنان بدرالدين:

الحل الفيدرالي: المسار الأمثل لحل الأزمة السورية وضمان الحقوق الكردية

 

تشكل القضية الكردية أحد أبرز التحديات في صياغة مستقبل سوريا، حيث لا يمكن تحقيق استقرار حقيقي دون إيجاد حل عادل يضمن حقوق جميع المكونات في إطار دولة ديمقراطية. إن اعتماد النظام الفيدرالي يعد الخيار الأكثر ملاءمة لمعالجة المشكلات البنيوية التي تعاني منها البلاد، حيث يوفر توزيعاً عادلاً للسلطة، ويضمن لكل المكونات، بما في ذلك الكرد، إدارة شؤونهم السياسية والثقافية والاجتماعية ضمن إطار دستوري يحافظ على وحدة سوريا وسيادتها.

 

مع ذلك، ونظراً للواقع السياسي الراهن وتعقيد المشهد السوري، فإن الحكم الذاتي يمكن أن يكون حلاً مرحلياً يمهّد للتحول نحو الفيدرالية الكاملة مستقبلاً، خاصة في ظل غياب توافق وطني واسع حول طبيعة النظام السياسي الأمثل للبلاد. إن القبول بحكم ذاتي مرحلي لا يعني تخلي الكرد عن مشروع الفيدرالية، بل هو خيار براغماتي يستجيب للظروف الحالية، مع التأكيد على ضرورة تضمينه في الدستور السوري كمرحلة انتقالية، يمكن من خلالها اختبار جدوى تقاسم السلطة وتعزيز الاستقرار الداخلي.

 

التعاون مع المكونات السورية: تجاوز الإرث السلبي وبناء شراكة وطنية

 

يشكل التفاهم مع باقي المكونات السورية شرطاً أساسياً لنجاح أي حل سياسي مستدام، إلا أن العقود الماضية من السياسات الرسمية القائمة على إنكار الوجود الكردي كمكون أصيل في سوريا، وتقديمه بصورة مشوهة، لا تزال تمثل عقبة حقيقية أمام هذا التفاهم. لقد أسهم هذا النهج في تكريس صورة خاطئة عن الكرد في بعض الأوساط السياسية والثقافية، مما جعل المطالب الكردية تُفسَّر على أنها تهديد لوحدة البلاد، بدلاً من كونها جزءاً من مشروع وطني يعزز العدالة والمساواة.

 

إن تجاوز هذا الإرث يتطلب خطاباً كردياً واضحاً ومتوازناً يؤكد على دور الكرد في بناء سوريا الديمقراطية، ويدعو إلى نظام تعددي يحترم حقوق جميع المكونات، بعيداً عن المركزية المطلقة التي أثبتت فشلها. كما أن تعزيز الحوار مع القوى السياسية والاجتماعية السورية الأخرى أمر ضروري لتوضيح حقيقة المطالب الكردية وتصحيح المفاهيم المغلوطة، عبر مبادرات مشتركة تسهم في بناء الثقة وتعزيز قناعة الجميع بأن ضمان الحقوق الكردية جزء لا يتجزأ من الحل السوري الشامل.

 

توحيد الموقف الكردي: مواجهة التحديات الداخلية والخارجية

 

وحدة الصف الكردي أمر حاسم في أي مفاوضات مستقبلية، لكن هذه الوحدة تصطدم بتحديات داخلية وخارجية، أبرزها الارتباطات الحزبية الإقليمية. إن حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يعد القوة المهيمنة على الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا، يُنظر إليه من جانب تركيا على أنه امتداد سياسي لحزب العمال الكردستاني، بينما تُعد وحدات حماية الشعب التي تشكل نواة قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من البنية العسكرية للحزب نفسه، المصنف كمنظمة “إرهابية” في العديد من الدول. هذا الواقع يُستخدم كذريعة من قبل أنقرة لربط المطالب الكردية المشروعة في سوريا بالإرهاب.

 

من هذا المنطلق، يجب على أي هيئة كردية جامعة أن تتبنى نهجاً واضحاً يفصل المطالب الكردية في سوريا عن أي ارتباطات إقليمية قد تُستغل دولياً. كما ينبغي تطوير استراتيجية دبلوماسية للتعامل مع التهديدات التركية، من خلال تقديم ضمانات قانونية ودستورية تكفل حقوق الكرد دون المساس بالأمن الإقليمي.

 

العلاقات الدولية: تعزيز التحالفات وتوسيع دائرة الشراكات

 

تشكّل الولايات المتحدة وفرنسا جزءاً مهماً من العلاقات الدولية للكرد، حيث لعبتا دوراً رئيسياً في دعم جهود مكافحة الإرهاب والمساهمة في الدفع نحو توحيد الخطاب الكردي في سوريا. ومع ذلك، فإن تعزيز الحضور السياسي والدبلوماسي الكردي يتطلب عدم الاقتصار على هذه العلاقات الثنائية، بل يستدعي العمل على توسيع نطاق الشراكات الدولية مع مختلف القوى المؤثرة في الملف السوري، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وبريطانيا إلى جانب المؤسسات الدولية الفاعلة في قضايا السلام وحقوق الإنسان.

 

إن بناء شبكة علاقات دولية متوازنة من شأنه تعزيز الدعم السياسي للقضية الكردية، وترسيخها كجزء من أي تسوية سياسية شاملة لسوريا، مع ضمان عدم رهنها لتحولات السياسة الخارجية لأي دولة بمفردها. كما أن التفاعل الدبلوماسي المنفتح والمتعدد الاتجاهات يتيح للكرد فرصاً أوسع لطرح رؤيتهم السياسية، وتأمين اعتراف دولي أكثر شمولاً بحقوقهم، ضمن إطار يحافظ على استقرار المنطقة ويحقق المصالح المشتركة مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية.

 

لذلك، ينبغي أن يستند النهج الكردي في العلاقات الدولية إلى سياسة متوازنة تجمع بين تعزيز العلاقات القائمة مع الحلفاء التقليديين، والانفتاح على شركاء جدد، بما يسهم في ترسيخ حقوق الكرد وضمان تمثيلهم في مستقبل سوريا على أسس عادلة.

 

الموقف الأمريكي: تحديات العلاقة مع تركيا في ظل إدارة ترامب الثانية

 

إحدى القضايا الأكثر تعقيداً هي مستقبل الشراكة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية، خاصة إذا شهدت إدارة دونالد ترامب الثانية تحولاً في السياسة الخارجية تجاه أنقرة. أن الأهمية الإستراتيجية لتركيا والعلاقة الشخصية بين ترامب وأردوغان قد تدفع واشنطن إلى إعادة تقييم دعمها لقسد، وربما إلى خروج القوات الأمريكية من سوريا، بما سيعنيه ذلك من تداعيات محتملة خطيرة على القضية الكردية في سوريا وفي عموم كردستان. إن هذا يستدعي تحركاً استباقياً من الجانب الكردي، عبر البحث عن بدائل دبلوماسية وتحالفات إقليمية ودولية لحماية المناطق الكردية من التهديدات التركية المستمرة وضمان الحقوق الكردية في سوريا ما بعد الأسد.

 

 نحو حل عادل ومستدام

 

إن اعتماد الفيدرالية كنظام حكم لسوريا ليس مجرد مطلب كردي، بل هو الحل الأمثل لضمان استقرار البلاد، ومنع تكرار الفشل السياسي والإداري الذي أفرز الأزمات المستمرة منذ عقود. في المقابل، فإن القبول بالحكم الذاتي كحل مرحلي لا يعني التخلي عن الفيدرالية، بل يمثل خياراً تكتيكياً قد يكون ضرورياً في ظل غياب توافق سياسي كامل حول شكل الدولة.

 

إن تحقيق هذا المشروع يتطلب تنسيقاً داخلياً بين القوى الكردية، وتعزيز العلاقات مع القوى السياسية السورية الأخرى، إلى جانب ضمان دعم المجتمع الدولي. مستقبل سوريا يجب أن يكون قائماً على اللامركزية الديمقراطية التي تحمي حقوق جميع مكوناتها، وتؤسس لنظام سياسي قادر على استيعاب التنوع وضمان العدالة والاستقرار.

=============

فادي مرعي*:

«النظام الأنسب لسوريا المستقبل، كونها دولة متعددة القوميات والطوائف، هو النظام اللامركزي»

كوردستان سوريا تعد ذات أهمية كبيرة جدا بالنسبة للدول الفاعلة في سوريا، حيث تلعب دورا بالغ الأهمية على المستوى الجيوسياسي في الملف السوري. وتكتسب المنطقة أهميتها من مساحتها الجغرافية الواسعة وغناها بالثروات الباطنية، مثل النفط والغاز، إضافة إلى ثرواتها الزراعية. كما أن موقعها الجغرافي المحاذي للحدود التركية شمالًا والعراقية شرقًا، والمشرف على الطريق البري الإيراني الواصل إلى لبنان عبر العراق وسوريا، يمنحها أهمية استراتيجية كبرى. هذه العوامل جعلت كوردستان سوريا نقطة تتشابك فيها مصالح الفاعلين الدوليين والإقليميين في الملف السوري.

لذلك، فإن مستقبل كوردستان سوريا لا يزال غير معلوم، حتى اثناء سقوط نظام بشار، إذ إن مصير سوريا عمومًا، وكوردستان سوريا خصوصًا، تحدده الدول الفاعلة وفقًا لمصالحها.

علاوة على ذلك، لا توجد كاريزما قيادية كوردية سورية قادرة على قيادة المرحلة، حيث تم تصفية أو نفي أو اعتقال معظم القادة الذين كانوا مؤهلين لهذه المهمة. كما أن الحركة الكوردية غير جاهزة للتفاعل مع واقع سوريا الجديد، والفرصة التي سنحت لها قد لا تتكرر خلال المئة عام القادمة.

أما وحدة الموقف الكوردي، فهي ليست بالأمر السهل، إذ تحتاج إلى الكثير من العمل، في ظل غياب الإرادة الحقيقية لتوحيد الصف الكوردي. فالوحدة ليست نابعة من قرار داخلي، وإنما تأتي نتيجة ضغوط دولية وإقليمية، فضلًا عن اختلاف المواقف السياسية بين الأطراف الكوردية. لذا، حتى إن تحقق نوع من الوحدة، فقد لا يُكتب لها النجاح.

في النهاية، تبقى وحدة الصف الكوردي السبيل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من المناطق الكوردية.

أما بخصوص نظام الحكم في سوريا سابقًا، فلم يكن هناك نظام حكم حقيقي، بل كانت منظومة قائمة على الفساد والاستبداد، حيث حكمت عائلة واحدة سوريا بقبضة أمنية حديدية، سلبت حقوق جميع المكونات.

النظام الأنسب لسوريا المستقبل، كونها دولة متعددة القوميات والطوائف، هو النظام اللامركزي، إذ إن النظام السابق نجح في تفتيت المجتمع السوري. لذا، فإن سوريا الجديدة يجب أن تكون دولة يسودها القانون والمساواة، مع ضمان حقوق جميع المكونات في دستورها المستقبلي.

رئيس مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكوردي في سوريا

=============

فرحان مرعي :

(( ان سوريا الجديدة لن تكون سوريا التي كانت قبل ٢٠١١ ))

 

إن سقوط حكم آل الأسد في سوريا فتح- وسيفتح آفاقاً جديدة إيجابية، ليس على مستوى سوريا فقط، وإنما على كامل المنطقة، بما يشكل هذا السقوط بدايات إنهيار الدولة المركزية المستبدة المفرطة، التي قمعت شعوبها وشعوب الجوار السوري، والتي ناضلت طويلاً من أجل الحرية والديمقراطية،كان بحق سقوطاً مدوياً ومفاجئاً، والمفاجأة كانت، بأن هيئة تحرير الشام كفصيل معارض، وديني متطرف، ومسجل على لائحة الإرهاب الدولية، استولت على السلطة في الشام، لذلك يتابع الشعب السوري والأسرة الدولية بحذر وقلق مآلات مصير سوريا في ظل الوضع الجديد.

 هنا يجري حراك سياسي سوري ودولي مكثف، للضغط على النظام أو السلطة القائمة في دمشق لتعديل سلوكها ونهجها بما يتلاءم وطبيعة سوريا القائمة على التعددية القومية والدينية والطائفية، والتي لا يمكن حكمها بلون واحد، وفكر واحد-،فاللوحة الديمغرافية السورية قائمة على التعدد وليست منسجمة عرقياً ودينياً – وبما يملكه السوريين من إرث ثقافي متطور واعتدالاً دينياً، رغم النكسة التي أصابتها منذ  سيطرة حزب البعث وحكم آل الأسد، فسوريا ليست أفغانستان حتى تحكم حكماً دينياً مطلقاً، وبالتالي فإن شكل الحكم، المدني، العلماني واللامركزي (الفيدرالي) هي الحل الامثل لسوريا المستقبل، استناداً إلى المعطيات السابقة وطبيعة سوريا الثقافية والجيوسياسية .

في هذا الظرف والواقع الجديد، برزت القضية الكردية بروزاً غير مسبوق، وحقيقة لم تحظ المسألة الكردية في سوريا بهذه الأهمية والاهتمام منذ مائة سنة، لذلك تستجد فرصة تاريخية قد لا تتكرر، وعلى الكرد وحركته السياسية استغلال هذه الفرصة أكثر من أي وقت مضى، لأنه هناك أوراق كثيرة بيد الكرد يسمح لهم بالمبادرة والتحرك لتحقيق ما يمكن تحقيقه من حقوق قومية مشروعة، كشعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية، وعانى من المظالم والمشاريع العنصرية والتي استهدفت وجوده ومحاولات صهره وتعريبه ومن أولى هذه الأوراق: سقوط نظام الاستبداد في سوريا، الذي شكل أكبر عقبة أمام حقوق الشعب السوري عموماً والكردي خصوصاً، والمرحلة الانتقالية الحالية مهمة وحاسمة جداً، وكسبها ضرورة حيوية في المعركة السياسية القادمة، ومن أجل تثبيت الحقوق الكردية في الدستور القادم، على اساس دولة ديمقراطية مدنية، لامركزية (فيدرالية،) يضمن حقوق كل القوميات والمكونات في سوريا.

أما الورقة الثانية: تتمثل في الإهتمام الدولي الكبير بالقضية الكردية وخاصة من قبل دول ذات وزن عالمي وقرار مؤثر مثل أمريكا وفرنسا، وبريطانيا وإسرائيل، ودورهم في رسم ملامح شرق أوسط جديد، يكون للكرد فيه موضع قدم، وهذا الاهتمام حقيقة، يأتي في إطار الدور الكبير الذي قام به قوات سوريا الديمقراطية(قسد) والبيشمركة في إقليم كردستان العراق في التحالف الدولي في سقوط داعش ومكافحة الإرهاب ، في سوريا والعراق، كما يحظى الكرد في سوريا بإهتمام ورعاية منقطع النظير من حكومة إقليم كردستان العراق، بزعامة الرئيس مسعود البارزاني، الذي لا يترك فرصة في دعم القضية الكردية أينما كان، في النتيجة ان التعاطف الدولي الحالي  ، وعوامل أخرى تشكل فرصة سانحة أمام الكرد في سوريا بأطرافه السياسية المتعددة،  من أجل التفاهم والتوافق للوصول، إلى رؤية سياسية مشتركة، وموقف مشترك يطرحه وفد كردي موحد في الحوارات والمفاوضات المزمعة اجراؤها مع السلطة الجديدة في دمشق.

 ولكن بالرغم من هذه المعطيات الإيجابية التي تساعد على النجاح في هذه المرحلة الدقيقة وتحقيق طموحات الشعب الكردي إلا إنه لا بد من الإشارة إلى بعض التحديات والعقبات الموضوعية والذاتية التي من الممكن ان تعرقل الجهود الكردية فيما تصبو اليه، وفي مقدمة هذه التحديات ما هو مرتبط ، بالدور الإقليمي والمتمثل في الدول التي تقسم كردستان، وخاصة تركيا وايران، بسبب عدائهما التاريخي لحقوق الكرد، وتسخير كل امكانياتهما لمنع اي تطور أو حل في المسألة الكردية، ورغم مشروع السلام الذي يطرحه تركيا، في الآونة الأخيرة لحل القضية الكردية، والمرونة التي تبديها في هذا المجال إلا أن جدية تركيا على المحك، ومشروعها بحاجة إلى أفعال حقيقية وملموسة على الأرض، وليس الإنحناء أمام العاصفة التي تهب على المنطقة، أما العقبة الثانية فهي تخص الكرد ذاتهم، فالعقلية السياسية الكردية عبر التاريخ متشرذمة ومنقسمة على بعضها ، وتفشل في تحقيق وحدته،، لأسباب عديدة لسنا بصددها ، وما يكسبه الكرد في ساحات المعارك يخسره على الأغلب على طاولة المفاوضات،وهذه العقبة الذاتية الكردية تضاف أيضاً إلى العقلية السياسية العربية التي حتى الآن لا تستوعب القيم الديمقراطية والتعددية المعاصرة، وتخشى من طرح المشاريع الديمقراطية ، مثل الدولة الاتحادية الفيدرالية،  وهذه الأخيرة لم تصبح بعد جزءاً من ثقافتها الشعبية العامة التي تساهم في بناء دولها المعاصرة.

في النتيجة :ان سوريا الجديدة لن تكون سوريا التي كانت قبل ٢٠١١، وبعد سقوط نظام الاستبداد، فالمصطلحات والمفاهيم الجديدة باتت تطغى على السطح، وتتناولها معظم الشعب السوري، مثل الدولة الوطنية المدنية، والدولة اللامركزية، ومسألة إحترام والاعتراف بحقوق القوميات والاقليات والأديان.

=============

فرمز حسين:

(( لكي يكون التمثيل الكردي عادلاً يجب أن يضم وفداً مشتركاً من مختلف أحزاب الحركة الكردية بالاضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني ))

 

المحور الأول: مستقبل الكورد في سوريا
ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

الحقيقة أن التحولات الاقليمية و الدولية التي حدثت في الشرق الأوسط عموماً و في مناطقنا خصوصاً بايجابياتها مثل سقوط منظومة الطغيان الأسدي و تحجيم النفوذ الايراني و سلبياتها المقرونة بهيمنة الدور التركي تفرز جملة من التحديات و تحتاج إلى الكثير من التروي و التفكير من أجل الاستفادة من هذه التغيرات المرحلية التي جذبت اهتماماً دولياً كبيراً و سلطت الأضواء على سوريا من جديد و كذلك على المسألة الكردية في سورية معها.

هناك محورين سياسيين لدينا شئنا أم أبينا و لكل منهما جملة من الاخفاقات و الانجازات و من الأولوية بمكان أن يتم تزاوج مرحلي بين كلا المحورين على الأقل للاستفادة من انجازات كل منهما و تجاوز  اخفاقاتها، هناك مكاسب جمة حققتها الادارة الذاتية و هناك بالمقابل علاقات طيبة مع المعارضة السورية حققها المجلس الوطني الكردي أما السلبيات فهي كثيرة للطرفين و لسنا هنا بصدد التطرق لها الآن.

 

المحور الثاني: نظام الحكم في سوريا
ما هو نظام الحكم الأمثل الذي يضمن حقوق الكورد وبقية مكونات الشعب السوري؟

اقليمياً ستبقى تركيا تبذل كل مافي وسعها للحؤول دون تحقيق مكاسب في صالح الكرد و تركيا لاتعترض فقط على مبدأ الفيدرالية في سورية بل إنها تعترض حتى على الاعتراف بالوجود القومي للكرد و تسعى على أن لا يحصل الكرد السوريون على ماهو أكثر من مواطنة ِ لا يتجاوز سقف استحقاقاتها بتلك التي يتمتع بها أبناء جلدتهم من الكرد في تركيا.

سورياً  أيضاً هناك تخوف كبير لدى المكون العربي عموماً من مصطلح الفيدرالية و هذا الأمر لا يختلف فيه النخبة مع عامة الناس و أقولها عن تجربة شخصية خلال العمل  في الاغتراب مع طيف واسع من النخب السورية العرب.

باعتقادي ليست صيغة الحكم مركزية كانت أو لامركزية هو ما سيضمن حقوق الكرد في سوريا بل الأهم من ذلك بكثير هو قبولنا ببعضنا كمكونات اثنية متساوية في دولة مواطنة حقيقية تضمن و بالمثل الحقوق الفردية و الجمعية  و يتم تثبيت كل ذلك و بالتفصيل في دستور البلاد.

و هذا الأمر يتطلب التنازلات من الطرفين فليست هناك فائدة من دولة لامركزية اذا بقي اسمها الجمهورية العربية السورية و لا فائدة من اللامركزية إذا بقي تسميتنا بمواطن عربي سوري و جيش عري سوري، هذه المصطلحات فقط اذا بقيت سيبقى مفهوم الأقلية و الأغلبية و مفهوم اختلاف درجات المواطنة هو السائد.

 

المحور الثالث: وحدة الموقف الكردي
ما هي الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لتحقيق وحدة الموقف الكردي في سوريا؟

كما أسلفنا فان الحركة السياسية الكردية بغالبية أحزابها منقسمة و من المؤسف ان التفاهمات على مدى أكثر من عقد من الزمن أي منذ بداية الحراك السوري ضد النظام و حتى يومنا هذا كان ضعيفاً بل سيئاً اذا صح التعبير و كل محور كان يغني على ليلاه و حتى في هذه المراحل الحرجة ليست بالمستوى المأمول و لاتزال كل من أمريكا و فرنسا تعملان على اقناع الطرفين بالتقارب في الرؤى للجلوس في صف واحد للتفاوض مع الادارة في دمشق.

 هناك ضبابية في خطاب حزب الاتحاد الديمقراطي بشقيه العسكري و المدني و الاصرار على أن وجودها ضمان لعدم عودة تنظيم الدولة أكثر من أنها تكافح من أجل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي في سوية مع العلم بأن وحدات حماية الشعب أسست قبل ظهور تنظيم داعش، تضع الجناح العسكري لهذ الحزب  في خانة التنظيم الوظيفي أي أن وجودها مرهون ببقاء خطر داعش و ربما يحدث توافق دولي أو اقليمي بتجريد قسد من هذه الوظيفة و استبدالها بقوة أخرى للقيام بهذه المهمة.

 

المحور الرابع: مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب
كيف يمكن ضمان تمثيل عادل وفاعل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟

لكي يكون التمثيل الكردي عادلاً يجب أن يضم وفداً مشتركاً من مختلف أحزاب الحركة الكردية  بالاضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني، و ذلك بعد حوار مشبع يتوصل فيها الأطراف الكردية معاً إلى ورقة عمل واحدة يتم الاتفاق على طرحه في المؤتمر الوطني السوري.

 

المحور الخامس: دور المثقفين والكتاب الكورد
ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟

على الرغم من أن هناك تداخل ديموغرافي كبير في عموم المناطق الكردية و حتى في الحواضر السورية مع السوريين لايزال الكثير من الاخوة العرب لا يعرفون إلا جزءاً يسيراً من حقيقة التواجد الكردي على أرضهم و في وطنهم. صور و تماثيل آل الأسد الذين حكموا البلاد لأكثر من خمسة عقود أزيلت خلال أيام معدودة و رمي بها في المزابل، لكن فكر البعث الشوفيني لايزال يعشعش في عقول الكثير من القومويون العرب، و ستحتاج  ازالتها إلى زمن طويل و هنا يقع على عاتق المثقف الحقيقي ليس الكردي فقط بل حتى العربي المساهمة في خلق مناخ ودي يقبل فيه أحدنا الآخر من خلال عقد إجتماعي جديد يصون حقوق جميع المكونات و الطوائف.

ما هي الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن تبنيها لمخاطبة الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكورد؟

إذا حقاً أردنا النهوض بهذا البلد الذي عاني ماعانى على يد الأسد الأب و الابن إلى مصاف الدول الحرة فان ذلك لن يحصل إلا من خلال مواطنين أحراراً  بحقوق متساوية بغض النظر عن الجنس و العرق و اللون و الدين  بلداً مدنياً يقوم على تداول السلطة و فصل الدين عن الدولة و العسكر عن السياسة .

المحور السادس: العلاقات مع المكونات السورية الأخرى
كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى لضمان مستقبل مشترك في دولة ديمقراطية؟

 

ليس هناك أصدق من استراتيجية المناداة بالتساوي في الحقوق و الواجبات، و إذا انطلقنا كما يحلو للكثيرين أن يصرحوا اليوم بأن الكرد هم جزء هام من النسيج السوري فدون الاعتراف بكامل الحقوق المشروعة لهذ الجزء من النسيج السوري و صيانته فسوف يكون النسيج كله مهترءاً و بالياً.  التحول الديمقراطي الحقيقي في سورية لن يحصل دون الاعتراف بالتعددية الاثنية و السياسية و احترام الرأي و الرأي الآخر.

 

المحور السابع: العمل مع المجتمع الدولي
ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لضمان دعم حقوق الكورد في سوريا؟

هناك تمثيليات للحركة السياسية الكردية في الشتات و كذلك جاليات كردية كبيرة و موزعة في بلاد الاغتراب، و من الأهمية بمكان الاشتراك في الفعاليات سواء كانت من خلال مؤسسات المجتمع المدني او من خلال المشاركة في التنظيمات السياسية في الدول المضيفة لدعم قضيتهم العادلة.

=============

ملاحظة: تم ترتيب الأسماء في كل قسم وفق أحرف الأبجدية العربية.

=============

القسم السادس: تضم مشاركات كل من السادة:

– اكرم حسين: رئيس الهيئة التنفيذية لتيار مستقبل كوردستان سوريا .

– خورشيد شوزي (1\3): رئيس تحرير جريدة القلم الجديد (Pênûsa nû).

– عدنان بشير الرسول: كاتب .

– لقمان يوسف: كاتب .

=============

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   نوروز، العيد الإيراني العريق والكبير، كان منذ القدم رمزًا للتجدد والفرح والارتباط بالطبيعة. يُحتفل بهذا العيد مع بداية الربيع، في الأول من فروردين حسب التقويم الهجري الشمسي (الموافق 20 أو 21 مارس)، وهو متجذر في الثقافة الفارسية وحضارة إيران التي تمتد لآلاف السنين. في عام 1404 الشمسي، الذي يبدأ يوم الجمعة 21 مارس، سيحتفل الإيرانيون…

شكري بكر مع بداية انطلاقة الثورة السورية، صدرت عدة بيانات باسم الإجماع السياسي الكوردي وسبعة عشر حزبا. وأقرت تلك الأحزاب الذهاب لعقد مؤتمر كوردي لتأطير النضال السياسي الكوردي في سوريا، والتعامل مع المستجدات على الساحة السورية بوحدة الصف والكلمة في تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا. إلا أن حزب الاتحاد الديمقراطي أعلن انسحابه من الإجماع الكوردي، وغرّد نحو إعلان مجلس…

إبراهيم اليوسف   لا يفتأ بعض شركاء الوطن أن يسأل بين الفينة والأخرى، أنى تم انتهاك بحق من هم مقربون منهم، قائلين: أين الحقوقيون والكتاب الكرد الذين لا يدينون هذا الحدث أو ذاك؟، منطلقين من فكرة واقعية أن هكذا قضايا لا يمكن أن تجزأ، بل هناك من يتجاوز مثل هذا السؤال غير البريء ويعنف الآخر- الكردي- كما أن هناك من…

حسن صالح   البارحة ٢٣آذار حضرت ندوة للدكتور زيدون الزعبي، على مدرج جامعة روج آفا بقامشلو ، بدعوة من شبكة الصحفيين الكرد السوريين. عنوان المحاضرة: الهوية الكردية في الإعلان الدستوري السوري. أقر الدكتور زيدون بأن الإعلان لا يلبي طموحات الشعب الكردي وبقية المكونات، لكنه إنتقالي ويمكن للمعارضين أن يشاركوا في لجنة إعداد الدستور الدائم لتلافي النواقص. وكانت لي المداخلة التالية…