بوتان زيباري في عمق هذا العالم، الذي يبدو كأنه مشهد مسرحي بلا نهاية، لا يمكن للمرء أن يميّز بسهولة بين ذئبٍ يبتسم وإنسانٍ ينهش. لقد غدت الأقنعة أكثر من مجرد تمثيل أو تصنّع؛ صارت بنيةً من بنى الحياة ذاتها، حيث تتلبّس الذئاب ثياب البشر، لا لتخدع الآخرين فحسب، بل لتقنع نفسها أن ما تفعله ليس افتراساً بل «ضرورة». أيّ…
أزاد فتحي خليل في سوريا، لا يُطرح سؤال الدستور بوصفه نقاشاً قانونياً مجرداً، بل باعتباره معركة على هوية الوطن. ومنذ اللحظة الأولى لانفجار الثورة السورية عام 2011، كان واضحاً أن المشكلة السورية لم تكن فقط في شكل الحكم، بل في بنيته ومضمونه وموقع “الآخر المختلف” داخله: الكردي، الدرزي، المسيحي، العلوي، الأشوري، الإيزيدي، الشركسي، الكلداني، وحتى العربي نفسه حين يكون…
فواز عبدي لا يزال الشعب الكردي يرزح تحت محاولات دؤوبة لتشويه تاريخه وطمس معالم هويته القومية والثقافية، سواء من قبل الأنظمة التي توارثت قمعه، أو من قبل جهات خارجية تسعى إلى إعادة رسم سردية المنطقة بما يخدم مصالحها. لكن أشدّ أشكال هذا التشويه وأكثرها إيلاماً، هو ما يصدر من بعض أبناء الشعب الكردي أنفسهم، تحت شعارات ظاهرها الحياد والموضوعية،…
اكرم حسين لم تكن المواطنة ، في سوريا ، يوماً معطىً مكفولاً ، بقدر ما كانت امتيازاً ممنوحاً وفق معايير الولاء لا الاستحقاق. طوال نصف قرن من حكم الأسدين، جرى تقويض فكرة المواطنة المتساوية لصالح نظام يقوم على التمييز السياسي والطائفي والمناطقي، حيث تحوّلت الدولة إلى أداة لضبط المجتمع لا خدمته، وتماهت السلطة مع الوطن حتى صار الاعتراض خيانة،…
إبراهيم اليوسف ليس بخاف على أحد أن تاريخ سوريا الحديث، ولا سيما منذ انقلاب البعث1963 وحتى هذه اللحظة، من مرحلة ما بعد سقوط الأسد، هو في جوهره سردية مركزية مفرطة، متخمة بالقمع، والتهميش، والإقصاء الممنهج لمكونات البلاد المختلفة. وبدلاً من أن تضمن هذه المركزية وحدة الدولة، كما يُدعى، فقد كانت سببًا مباشرًا في تمزيق نسيجها الوطني، تدريجياً، وتحويلها إلى…
د. محمود عباس حين تتمدد القوة بلا حدود جغرافية، وتُمارس السيادة بلا علم ولا نشيد وطني، فإننا لا نكون أمام دولة، بل أمام كيان ميتافيزيقي جديد، إمبراطورية بلا جغرافيا، بلا قومية، بلا مركز، وقد تكون أمريكا، اليوم، آخر اسم يُطلق على شيء لم يعد يشبه أمريكا. في الحلقات السابقة، تتبعنا كيف كان اغتيال ترامب المحتمل سيكشف عن التحول العميق…
عزالدين ملا لم تعد المسألة الكوردية في سوريا شأناً محلياً محصوراً بجغرافيا محدّدة أو مطالب فئوية، بل باتت حجر زاوية في أيّ معادلة سياسية تسعى إلى إخراج البلاد من دوامة التفكك والانقسام. فما شهده الكورد خلال العقود الماضية لم يكن مجرد تهميش إداري أو حرمانٍ ثقافي، بل كان انعكاساً لمنهجية متجذّرة في بنية الدولة، تقوم على إنكار التعدد…