جمال مرعي
القوة والمصالح الاقتصادية هي التي تتحكم في توزيع الأدوار وتكون الحكم ايضاً في التغييرات الجيوسياسية وساحة الشرق الأوسط خير مثال على ذلك وفي معمعة التغييرات تكون الشعوب هي وقود التغييرات والحروب وقد تتنافى مصالح الدول العظمى مع مصلحة شعوب المنطقة والأمثلة كثيرة في تعقيدها وتجلياتها . فالغرب تخلّى عام 1979 بسهولة عن الشاه رغم كونه حليفاً موثوقاً، وسهّل عودة الخميني لإدارة توازن جديد يضمن استمرار الحاجة للنفوذ الغربي وحماية مصادر الطاقة.
وفي العراق أطاح الغزو الأمريكي عام 2003 بنظام صدام، مما فتح المجال لصعود النفوذ الشيعي وتعزيز محور إيران–سوريا–حزب الله، وصولاً إلى تمدد الحوثيين في اليمن. لكن بعد أربعة عقود، أعادت أمريكا وأوروبا وإسرائيل قلب المعادلة تدريجياً عبر إضعاف الأنظمة والقوى الشيعية: اغتيال قاسم السليماني وقيادات فلسطينية كثيرة ومن ثم حسن نصر الله، ضربات قاسية للمنشآت النووية والعسكرية في إيران، بالاضافة الى قياداتها . سقوط نظام الأسد وتراجع نفوذه وقوة حزب الله في سوريا، إضعاف الفصائل الشيعية في العراق، وتدمير القدرات الحوثية في اليمن. وحرب غزة .
وهكذا عادت واشنطن والعواصم الأوروبية إلى إعادة توزيع الأدوار في المنطقة، بتغيير أنظمة وتبديل حكومات، كما في سوريا مع صعود قيادة سنية جديدة مدعومة غربياً بعد انهيار النظام السابق.
لكن يبقى السؤال: هو أفاق حل القضية الكردية وقوة حضورها في ظل التعقيد الاقليمي وتنافس القوى الدولية على الساحة السورية .
الجواب مرتبط بالمصلحة نفسها. فإذا كان استقرار المناطق الكردية يخدم الاستراتيجية الأمريكية سيستمر الدعم، وإلا فقد تتغير السياسات كما تغيّرت مع غيرهم عبر التاريخ.
في النهاية، المصلحة هي البوصلة الوحيدة للغرب ولعبة رسم الخرائط تحكمها جغرافية معقدة لا صديق دائم ولا عدو دائم، والقرارات تُصنع بأيد خبيرة ، والأحداث تتغير بسرعة تفوق قدرة المحللين على التوقع، لأن القوى الغربية والإسرائيلية ما تزال الفاعل الحقيقي في رسم خرائط المنطقة.
جمال مرعي – سويسرا
10 كانون الأول 2025