عبدالله كدو
الكرد السوريون منقسمون اليوم في مناطقهم الخاضعة لسلطة ” الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ” بعد سقوط نظام الأسد ، وفق الأقسام التالية :
١- قسم يشمل سياسيين حزبيين ولاحزبيين وكذلك يشمل غير السياسيين، يتفاعلون بحذر وتوجّس مع الحكومة السورية الانتقالية التي تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية ذلك التوجس،
ذلك لأسباب، منها تأخرها في التجاوب وإنصاف الشعب الكردي بشكل واضح وعملي وعدم إظهارها مؤشرات واقعية ملموسة كافية لطمأنة الكرد ، طالما أن الحركة السياسية الكردية كانت – ومازالت – تطرح شعار تأمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي دستوريا والحفاظ على وحدة البلاد أرضا وشعبا.
وكذلك بسبب عدم اعتراف الحكومة حتى اليوم بالأحزاب السياسية، بينما يكاد أن يكون النشاط الوطني الكردي السوري محصورا في الأحزاب الكردية التي وقفت معارضةً للحكومات السورية الديكتاتورية العنصرية والطائفية منذ انطلاقتها قبل نحو سبعة عقود.
٢– قسم سياسي يشمل حزبِيين ومستقلين، وهذا القسم ينشط كأفراد أو مجموعات أو تيارات أو أحزاب ضمن مجال شبه متوافق مع السياسات اليومية لسلطة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تلك السياسات التي لا تزال – عملياً – في موقع المعارضة للحكومة الانتقالية، في انتظار تجلّي تفاصيل تطبيق الاتفاق الموقّع بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية في العاشر من آذار الفائت.
٣— قسم يتكون من أتباع منظومة pkk، بالإضافة إلى غيرهم ممن كانوا على تواصل معين مع نظام الأسد، فهؤلاء مازالوا في حالة ارتباك، ويحتاجون إلى ضمانات ملموسة، لأن المكون السنّي العربي المتحكم بمفاصل الحكومة حالياً، وحلفائه من بقية السنّة غير العرب ومن خارج المكون السنّي ، يعتبرون أن عناصر هذا القسم الكردي كانوا متفاهمين أو متحالفين مع النظام السابق بشكل أو بآخر.
من الجدير بالذكر أن هذا القسم قد بدأ – مؤخرا- برفع شعارات قومية كردية غير معهودة، من خارج نسق منظومتهم التي تتبنى الاهتداء ب ” فلسفة أو فكر ” مؤسس العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، علماً أنهم حاربوا طويلا راية كردستان (Ala Rengin) التي كان يرفعها الأغلبية الساحقة من الثوار الكرد السوريين في خلال سنوات الثورة السورية إلى جانب علم الاستقلال لسوريا، كرمز قومي لعموم أبناء وبنات الأمة الكردية حيثما كانوا ، ذلك الرمز الذي رفعه – أيضا – البعض من المتظاهرين السلميين من الثوار السوريين غير الكرد في مختلف المدن والبلدات السورية، مثل دمشق وحمص وكفر نبل وغيرهما.
٤ —- أزلام مخابرات نظام الأسد الذين كانوا مندسين داخل الحركة السياسية الكردية وخارجها داخل الأوساط الكردية، فهؤلاء كانوا ضدّ معارضي النظام السابق ، وسيظلون ضدهم سرا أو علانية، إلا إذا قبلت بهم الحكومة الجديدة – لا سمح الله – كعملاء لديها.
أما بالنسبة للكرد في المناطق السورية الخاضعة لسلطة الحكومة الانتقالية، فلا بدّ من التذكير بأن منطقتي سري كانييه/رأس العين وتل أبيض، تكاد أن تكونا خاليتين من سكانهما الكرد حتى اليوم، بسبب استمرار تبعات تهجيرهم، حيث مصادرة منازلهم وممتلكاتهم من قبل فصائل مسلحة رغم إعلانها تأييد الحكومة السورية الجديدة.
أما منطقة عفرين، التي دفعت غاليا ثمن كُرديتها ، مازال هناك أكثر من ربع عدد مهجريها تتعذر عليهم العودة إلى ديارهم بسبب مصادرة بيوتهم وممتلاكاتهم عنوة من قبل فصائل مسلحة كانت تابعة للائتلاف السوري، فإن الكرد هناك أكثر تفاعلا مع الحكومة السورية على أمل قيامها بوقف سياسات وممارسات التمييز القومي الصارخة بحقهم ، وهناك من انخرط منهم في مختلف الوظائف الحكومية، وكذلك في عضوية مجلس الشعب.