حسن شندي
في الفترة الأخيرة بدأ بعض المثقفين المقربين من حزب العمال الكردستاني في سوريا يتلمّسون خطورة ارتباط قسد بعبدالله أوجلان على مستقبل أكراد سوريا، والتنبه إلى أن أوجلان ليس وصياً على أكراد سوريا، وأن الاستمرار في رهن القرار الكردي السوري به سيقود إلى تصفية الوجود الكردي في سوريا سياسياً.
أيها المثقفون الكرد السوريون، إنني أرحّب بكم على طريق الوعي والإدراك المتأخر، بعد أن انتهت صفقة كوادر أوجلان مع تركيا واقتربت نهاية أحلامكم معها. وإنني أسامح أي شخص أخطأ بحقي، أو اتهمني باطلاً، أو شتمني، أو تحدث عني بسوء، فما يهمني هو الوعي وبناء الشخصية الكردية، والوصول لاستعادة قرارنا السياسي الكردي السوري المسلوب، وبناء منظومة غير تابعة لأوجلان ولا لغيره، بل لعفرين وكوباني وقامشلي وغيرها من مناطق ومصالح التواجد الكردي في سوريا.
اسمحوا لي أن أذكّركم بأنني، ومنذ أربعة عشر عاماً، منذ بداية الثورة السورية، حذّرتُ من هذه الصفقة، وحذرت من رفع صور أوجلان في سوريا، وحذرت أيضاً وأيضاً من كوادر أوجلان التي دافعت عن الأسد وكان هدفها الوحيد التفاوض لإطلاق سراح معلمها من الجزيرة التركية. وقلنا لكم إن رفع صور أوجلان في شمال سوريا خطر كبير يجب إدانته.
كنتُ أؤكّد في لقاءاتي ومقالاتي أن استلام “أيتام أوجلان” لمناطقنا سيؤدي إلى إنهاء القضية الكردية في سوريا لصالح إطلاق سراح أوجلان، وأن قسد ستبيع كرد سوريا من أجل تلك الرمزية لشخص تركي هو الأب الروحي لمظلوم عبدي، وصالح مسلم، وآخرين من كوادر “ب ك ك” الذين سلبوا قرارنا الكردي السوري.
هؤلاء الذين تريدون منهم اليوم ألّا يسمعوا كلام أوجلان هم أيتام أوجلان الذين أخذهم إلى الكهوف وهم قاصرون وقاصرات، ويملك جميع سجلاتهم وفيديوهاتهم في الخطف والقتل والتفجير على مدى ثلاثين عاماً، ولا يمكن لأحد منهم أن ينشقّ عنه أصلاً، لأن مصيره إمّا الاعتقال أو الاغتيال فوراً. هذا ما قلته في أكثر من لقاء ومقال، وكان الأمر واضحاً بالنسبة إلينا منذ البداية.
ومع ذلك، كنتم في مجالسكم تشتمونني وتتهمونني بالعمالة والعداء، رغم أنني كنت لكم أخاً ناصحاً، لكنكم ضيّقتم عليّ حتى مساحة التعبير عن رأيي. إن ما نملكه هو موقف ومبدأ لم ولن يتغير، وقراءة صحيحة للواقع السياسي منذ عشرين عاماً، وهو ضرورة استقلال قرارنا السياسي الكردي السوري عن الأحزاب التابعة لقنديل، لأن هذه الكوادر ستتسبب بدمار في باقي مناطقنا الكردية، تماماً كما حدث في دياربكر، ووان، وشرناخ، وعفرين، وتل أبيض، ورأس العين وغيرها.
لم يدخل كوادر أوجلان منطقة إلا وحفروا فيها أنفاقاً ليدفنوا فيها أبناءنا أو تركوها خراباً. فأين موقفكم في هذه اللحظة المفصلية التاريخية من مسيرة كرد سوريا؟
إنني أدعوكم جميعاً للمطالبة باستعادة قرارنا السياسي الكردي السوري، فإنشقاق مظلوم وقيادات قسد عن حزب العمال الكردستاني خلال شهر هو الحلّ الوحيد. فالمفاوضات بدأت منذ زيارة صالح مسلم لتركيا قبل عشر سنوات، وها هي قد انتهت، وصفقة بيع أكراد سوريا مقابل إطلاق سراح أوجلان قد اكتملت، وهي الصفقة التي بدأ أوجلان التفاوض عليها مع انطلاقة الثورة السورية، وبفضل إصرار مراد قريلان ودولت بهجلي شارفت على الانتهاء.