زاهد العلواني آل حقي
يبدو أن الساحة الكوردية والإقليمية تتهيأ لتحوّل كبير، طالما تأخر ظهوره. فبعد أن أوقف حزب العمال الكردستاني (PKK) نشاطه العسكري في تركيا نهائيًّا، مع تنفيذ بنود 10 آذار في سورية، تتجه الأنظار اليوم إلى قنديل، الجبال التي قد تشهد ولادة مشروع جديد يغيّر خريطة الشرق الأوسط.
قنديل ليست مجرد جبال شاهقة؛ إنها البوابة الغربية لجمهورية مهاباد التاريخية التي احتلتها إيران 1946 وحلم الأكراد الذي وُئد قبل سبعة عقود.
واليوم، ومع احتدام الأوضاع داخل إيران، قد تكون تلك المنطقة المنسية هي الشرارة التي تعيد إشعال شعلة الحرية من جديد.
السيناريو المنطقي يقول:
إذا بدأ حزب العمال الكردستاني نشاطه لتحرير مهاباد السنية من الهيمنة الإيرانية، ووضع يده بصدق مع ثوار عربستان السنية وثوار بلوشستان السنية، ونسّق الجهود مع الآذريين في الشمال الذين يزيد عددهم عن 30 مليون نسمة، والتي تطمح آذربيجان ضمها، فإن المشهد سيتبدّل تماماً. ثلاث قوميات كبرى – الكرد والعرب والبلوش” السنة” – تمتد على طول الشريط الغربي لإيران، ومعها قوة أذرية صاعدة في الشمال… معادلة يصعب على طهران مواجهتها.
في تلك الحالة، سيجد الكرد في تركيا وسورية والعراق والعرب السنة أنفسهم أمام مشروع واقعي يمكن أن يغيّر ميزان القوى في المنطقة. ولن تكون تركيا بعيدة عن هذا التحول، فمصلحتها الاستراتيجية تقتضي الحد من نفوذ إيران وتمزيقها، والتي لم تترك بقعة في الشرق الأوسط إلا وعبثت بها، من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، بل وصلت الى نيجيريا ومصر ومالي.
لقد أثبتت التجربة أن إيران هي بؤرة التوتر الأولى في المنطقة، ومصدر معظم الأزمات التي عطّلت الاستقرار والتنمية. لذلك، فإن أي حراك منسق بين شعوبها المضطهدة ليس تهديداً، بل فرصة لتصحيح مسار التاريخ.
اليوم، إذا قرر حزب العمال الكردستاني أن يوجّه بندقيته نحو مهاباد، وأن يجعل من قلمه ولسانه أداة للتحرير لا للهدم، فسيجد حوله أمواجاً من الدعم الشعبي والسياسي من دول المجاورة لإيران. وسيكتشف أن الكرد والعرب والبلوش والآذريين جميعهم شركاء في المعاناة… وشركاء في الأمل.
لقد آن الأوان ليُكتب فجر جديد في جبال قنديل،
فجر تتحرر فيه جمهورية مهاباد، وتنهض فيه الشعوب المظلومة مثل بلوشستان وعربستان من غبار الخوف، والمشانق التي تُعلق مشايخ وعلماء مهاباد وبلوشستان إلى ونحو هواء الحرية.