شكري بكر
تعليقاً على منشور الأستاذ إبراهيم برو عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكوردستاني في سوريا وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي ، الذي نشره على صفحة الفيس بوك الخاص به صباح هذا اليوم تحت عنوان :
الحركة السياسية الكوردية في سوريا بين إرث النضال وضياع اللحظة التاريخية .
بعيداً عن التشخيص الفكري والسياسي والحزبي للأستاذ إبراهيم برو وبعيداً عن التوافق أو الإختلاف فإن الأستاذ إبراهيم برو موضع الإحترام والتقدير .
كما أن لكل شخص وجهة نظر مقتنع ويعمل بها في حقل السياسة الكوردية في سوريا وضمن صفوف الحركة الكوردية إن كانت هذه القناعة على خلاف أو إتفاق مع المشروع الوطني والقومي الجامع أو الشامل المغيب حتى الآن والذي يعود لعدة أسباب :
1 – تعاطي أنظمة الحكم في سوريا مع الحركة الكوردية تعاطياً أمنياً ، وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية للحركة الكوردية .
2 – تدجين النظام لبعض الشخصيات ضعيفي التفوس أو ذي ضيق الأفق الحزبي ، ومن فضل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة للشعب الكوردي وعدائهم لقضية الشعب الكوردي في سوريا وخاصة في مجال عدالة القضية الكوردية ومشروعيتها وتمتع الشعب الكوردي بحقه في تقرير المصير .
3 – غياب الحوار بين الحركة السياسية الكوردية والقوى الوطنية والديمقراطية على طول وعرض الجغرافية السورية .
4 – ترك الصراع مع العدو المشترك (النظام) والدخول في صراع داخلي حول مفهومي الشعب وأقلية .
5 – عجز بعض القيادات نتيجة للظروف التي كانت مرت بها الحركة الكوردية عبر تمسك تلك القيادات بمصالحها الخاصة من أنانية أو ضيق الأفق الحزبي .
6 – بروز الحراك الإنشقاقي في صفوف الحركة الكوردية منذ الإنشقاق الأول الذي تعرض له الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا منتصف الستينيات القرن الماضي ، والطرفان كانا بمثابة التهرب من المسؤولية السياسية تجاه القضية الكوردية ، الأول مال إلى جانب النظام ، أما الثاني فحاول تمرير الفكر اليساري الماركسي والإلتزام به ، بهذا يكون قد تقرب من المعسكر الإشتراكي الذي كان يقوده الإتحاد السوفيتي الذي إنهار بعد حوالي سبعون عاما .
بدأ الأستاذ إبراهيم برو منشوره بالسؤال التالي :
هل سيحاسبنا التاريخ على التفريط بسبعين عاما من نضال الحركة السياسية الكوردية أم سيحاسبنا المستقبل على ضياع الفرصة التاريخية التي أتاحها سقوط النظام الأسدي البعثي في دمشق ؟.
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب أن نطرح على أنفسنا كحركة سياسية كوردية عدة أسئلة :
1 – أين كنا على مر سبعين عاما من النضال السياسي الكوردي ؟.
2 – ماذا كان موقف الحركة السياسية الكوردية من النظام البعثي الشوفيني ؟.
3 – ما أسباب عدم تحقيق وحدة الصف الكوردي ؟.
4 – ما أسباب غياب المشروع الوطني والقومي للحركة السياسية الكوردية ؟.
طالما تطرق الأستاذ إبراهيم إلى موضوع المحاسبة فإن جميع الأحزاب السياسية الكوردية في سوريا مسؤولة عن الواقع المزري التي مرت وتمر بها الحركة السياسية الكوردية طوال سبعين عاما الماضية .
أأما حديث الأستاذ إبراهيم عن الفرصة التاريخية التي أتيحت للحركة الكوردية مع سقوط نظام الأسدي في دمشق ، فمن منا لا يدرك أن النظام الأسد لم يسقط بفعل الهبة الجماهيرية التي إندلعت في 11/3/2011 ، بل سقوط نظام جاء نتيجة لصفقة دولية إقليمية
التي تضمنت إنسحاب الأسد من السلطة وتسليمها إلى السيد أحمد الشرع الذي كان يقود هيئة تحرير الشام التي إنشقت عن جبهة النصرة قبل حوالي سبعة أعوام ، والبعيد كل البعد عن أي مشروع وطني سوريا جامع .
لن تنتهي الأزمة السورية إلا بتوفر شرطين :
1 – وصول كل من المجتمع الدولي والإقليمي إلا بإتفاق يصون مصالح كل منهما .
2 – إعداد دستور دائم يقر بحقوق جميع مكونات المجتمع السوري ضمن نظام لا مركزي إتحادي فدرالي .
حتى هذه اللحظة الحل في سوريا مستبعد ولن يتحقق إلا بتوفر شرطان :
1 – المضي قدما نحو المصالحة مع إسرائيل .
2 – إتخاذ قرار من قِبل الإدارة الجديدة في محاربة الإرهاب .
ما جرى وما يجري في سوريا منذ أكثر من عشرة أشهر لم تتعاطى مع القضية الكوردية عبر ممثليها الحقيقيين من الحركة السياسية الكوردية في سوريا ، بل ذهبت بعيدا لعقد إتفاقية مع قسد التي تقوده حزب الإتحاد الديمقراطي السوري الذي لا يحمل أي مشروع وطني سوري ولا أي مشروع قومي كوردي .
بالمقابل لم تتمكن الحركة السياسية الكوردية من تبني مشروع وطني قومي لا ماضياً ولا راهناً ولا مستقبلاً ، ولا يزال المشروع القومي الكوردي غائبا .
يقول الأستاذ في سياق منشوره أن ما حدث عكس ذلك تماما ، إذ تخلت الحركة عن دورها التاريخي وإختارت جهة لا تعترف أصلاً بكورديتها ولا تمتلك مشروعاً قومياً أو وطنياً واضحاً ، بل ساهمت بسياساتها في خلق بيئة عدائية تجاه الكورد .
بدوري أسأل : لماذا حدث ذلك ؟.
هل النظام البائد هو المسؤول عن ذلك ؟.
أم أن الحركة الكوردية هي المسؤولة ؟.
أم أنه سيبقى الشعب الكوردي في سوريا أسيرة أنظمة الحكم في سوريا المستقبل ؟.
أم أن المجلس الوطني الكوردي هو من يتحمل المسؤولية الذي بات يبرز بعض الخلافات التي قد لها علاقة بالمجلس وهو على أبواب مؤتمره في الفترة القريبة القادمة .
من المحتمل أن يطرأ تغيرات جمة في هيكل المجلس الوطني الكوردي سياسياً وتنظيمياً ، قد يخطو المجلس خطوات جدية حيال قضية الشعب الكوردي بحقه في تقرير المصير ، ومثلها خطوات تنظيمية ، قد يتقلص عدد الأحزاب ضمن المجلس عبر إقامة الوحدة بين الأحزاب المتقاربة فكرياً ، لوحظ في الآونة بروز الخلافات داخل بعض أحزاب المجلس قد يكون لها علاقة بالمرحلة التي نمر بها ، ربما بعض أحزاب المجلس يعقدون الآمال بأن قسد بقيادة حزب الإتحاد الديمقراطي هو المنتصر وسيكون بديلا للشرع في حال فشل الإتفاقية العاشر من آذار بين الشرع وقسد والتي تنتهي مدتها نهاية العام الحالي ، قد يكون هذا أحد الأسباب التي قد تؤدي ببعض الأحزاب المجلس بالتسرع لأحضان قسد .
أخيراً لا يسعني إلا أن القول :
أن مَن هو بابه من زجاج لا يرمي بأحجاره لمن بابه من خشب .