مام في الشام برؤية عربية (11)

مصطفى عبد الوهاب العيسى

في ختام سلسلة مقالات مام في الشام برؤية عربية ، وقبل أن أُرسل رسالتي لمام جلال أقول : إن من أجمل ما لُقِّبت أو اشتُهرت به مدينة السليمانية هي أنها عاصمة الثقافة الكردية ، و ليس لزاماً على الباحث في شخصية مام جلال العيش في دمشق أو السليمانية ، و لكن من عرف المدينتين سيفهم كيف انعكست إقامة مام جلال فيهما على شخصيته النادرة ، و لا أعلم حقيقة إن كان لمام جلال و حبه لدمشق دوراً في أن نلاحظ أو نُحس بوجود الكثير من أوجه التشابه بين المدينتين ، ولكن هذا التشابه هو ما دعاني الآن لأن أُطلق على السليمانية لقباً جديداً وهو : ( شامُ الكرد أو دمشقُ كردستان ) .

فهنيئاً لشام الكرد و دمشق كردستان ذلك النصيب الكبير من الكرد المميزين والذين أتمنى أن لا يكون آخرهم مام جلال .

وختاماً أُوجه رسالتي هذه كعربيٍ لصديقي مام جلال شخصياً ، وأُرسلها عن طريقه لجميع الكرد حول العالم ممن آمنوا بالأخوة العربية – الكردية ، وأقول فيها بعد التحية والسلام :

صديقي العزيز مام جلال :

“لا أصدقاء سوى الجبال” هو العنوان المكرر الذي لم ولن أستطيع قبوله يوماً رغم جماله وعمقه و شاعريته ، فأنا صديقك و صديق الكرد مثلما أنت صديقي وصديق العرب .

أؤمن كثيراً بما ورد في الإنجيل و قرأناه مئات المرات ( ما جمعه الله لا يُفرّقه إنسان ) .

من يُفرِقني عن صديقٍ يُحادِثني بلغتي ، و في بعض الأحيان يُعاني في تواصله معي ويُكابد في سبيل إيصال الفكرة لي ، و طبعاً لا أُعاني أبداً مما يعانيه بسبب جهلي وقلة معرفتي بلغته ، والمصيبة الأعظم أن لا أُقدّر جهوده ، و ما تميز به عني .

من يُفرِقني عن زميلِ دراسة وعن زميل العمل ، ومن يُفرِقني عن طفلٍ شكاني لوالدي فضربني من أجله !

من يُفرِقني عن حبيبةٍ .. عن زوجةٍ .. عن سهرةٍ ومهندسة .. عن أُمٍ ومُعلّمة !

من يُفرِقني عن جارٍ يواسيني ، و طبيبٍ يُعالجني .

كنتُ أتمنى أن أوجه كلمة لبعض القوى والقيادات السياسية المتطرفة و المُحاربة لهذا الشعار ( الأخوة العربية – الكردية ) ، ولكن ما منعني هو أبيات شعر جميلة اعتاد صديقك الأستاذ عبد الحميد درويش تكرارها على مسامعنا :

قد أسمعت لو ناديت حياً

ولكن لا حياة لمن تُنادي

وقد أشعلت لو نفخت ناراً

ولكن أنت تنفخُ في الرماد

صديقي العزيز مام جلال :

قضيتك العادلة هي قضيتي بامتياز .

قضيتك العادلة هي قضيتي كمسلم يؤمن بالحق والعدل ، و كعربي أصيل لا يقبل أن يقع الظلم على جاره ، و كسوري لأنها في سوريا من أهم القضايا السورية الوطنية .

قضيتك العادلة هي قضيتي كإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا بمشاركتك الإنسانية .

سنبقى معاً و جنباً إلى جنب بإذن الله .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…