شكري بكر
ضرورات تغيير الشرق الأوسط بما يتوافق مع شروط المجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بكونها تحمل مشروعا سياسياً نحو إقامة نظام عالمي جديد (العولمة) ونقطة إنطلاقة هذا المشروع يبدأ من الشرق الأوسط ، والعمود الفقري في الصراع القائم في الشرق الأوسط لأكثر من قرن هو القضية الكوردية في المنطقة ، ودون إيجاد حل شامل للقضية الكوردية لا يمكن إيجاد حلول جذرية لمنطقة الشرق الأوسط سواءا كان أمناً أو إستقراراً أو سلاماً دائماً .
ولتحقيق ذلك يتطلب تغيير بعض أنظمة الحكم في كافة المساحة الجغرافية لشرق الأوسط ، إلى أن بعض أنظمة الحكم في الشرق الأوسط تعارض بشكل أو بآخر مشروع التغيير ، ولأسباب معروفة ، لإعتلاء بعض حكام تلك الأنظمة وتحويلهما إلى نظم دكتاتورية فرضوا على رقاب شعوبها ، وبيت القصيد في السؤال التالي :
ما هي الآليات التي يجب أن تتخذها المجتمع الدولي من أجل تحقيق شرق أوسط الجديد ؟.
في هذه الحالة لا بد من إنتشار فوضى خلاقة ، تعتمد مبدأ سياسة فرق تسد ، وهذا ما تعمل به الولايات المتحدة الأمريكية ، على سبيل المثال :
التضحية بنظام الشاه في إيران الذي كان الشرطي الأمريكي بمنطقة الخليج .
هنا سؤال يطرح نفسه :
لماذا ضحى الأمريكان بنظام الشاه ؟.
أعتقد أن الأمريكان ضحوا بنظام الشاه لسببين :
الأول : لإحداث شق في صف الدين الإسلامي ودخوله في صراع داخلي (شيعي – سني) ، لأن إيران في عهد الشاه كانت تحكمها الأقلية السنية ، بهذا يكون قد تم نقل السلطة إلى الأكثرية الشيعية بقيادة آية الله الخميني .
الثاني : لإستخدام إيران الجديدة بقيادة الخميني الأداة في تهديد دول الخليج الغنية بالبترول ، ثم جعل إيران مصدراً للإرهاب المنظم ضد إسرائيل وضد مصالح الغرب بشكل عام ودون ذلك لا يمكن للولايات المتحدة بتمرير مشروع التغيير .
هنا سؤال على أهمية أكبر من السؤال السابق ؟.
ما هي الفائدة الأمريكية من قلب نظام الشاه المسالم إلى نظام الخميني الخصم؟.
أعتقد أن الولايات المتحدة لا تخطو خطوة دون دراسة واقعية تكون لمصلحة مشروع التغيير في المنطقة . إذاً ماذا حققت الولايات المتحدة من النقلة النوعية في إيران في سقوط الشاه والوصول بالخميني إلى السلطة ؟.
أعتقد أنه لولا النظام الإيراني لما حققت الولايات المتحدة الأمريكية التغيرات الهائلة التي حدثت في المنطقة ، البداية بأت بالحرب الخليج الأولى (العراقية الإيرانية) التي طالت زهاء ثماني سنوات ، ثم جاءت حرب الخليج الثانية التي كانت حربا على النظام العراقي بغاية إمتلاكها لأسلحة نووية ، أعتقد أنه لم يكن هذا هو الهدف الأساسي ، بل الهدف الأساسي هو سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري والمفروض على رقاب الشعوب العراقية ، مع هذا السقوط يكون قد حققت الولايات المتحدة الأمريكية أهدافاً محددة في العراق عبر إنتقالها إلى نظام إتحادي فدرالي الذي تم أقراره بموجب دستور دائم .
ولم تأتي الحرب على حزب الله إلى لخدمة مشروع التغيير ، هذه الحرب جعلت من حزب الله مشلولا ، إما لمحوه من الساحة اللبنانية أو جعله حزبا سياسيا ، بهدف فرض النظام اللبناني سيطرته على كامل التراب اللبناني .
فيما بعد جاءت الحرب الأسرائيلية على حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة الفلسطيني لجعلها هي الأخرى مشلولة أيضا بهدف تحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني عبر الإقرار بالدولتين الإسرائيلية والفلسطينية بحسب على قرارات إتفاقية كامب ديفيد .
وما سقوط نظام بشار الأسد الدكتاتوري في سوريا إلا مقدمة لخدمة مشروع التغيير في المنطقة ، وخروج سورية من قبضة نظام الحليفين (الروسي- والإيراني) .
صحيح أنه لم يستقر الوضع في سوريا بعد ، لماذا ؟.
أعتقد أن الهدف الأساسي أن الولايات المتحدة أرادت أن تزيل الأسد من السلطة ونقل السلطة لشخص آخر فوقع الإختيار على السيد أحمد الشرع ولو لمرحلة مؤقتة ، لأن حل الأزمة السورية تحتاج لعامل زمني ليتم فيها القضاء على كافة بؤر التوتر في الداخل السوري لأنها تتشابك بملفات عديدة ، منها قضية الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان لمكونات المجتمع السوري القومية والدينية والطائفية والمذهبية ، على كل حال أن حل الأزمة السورية مرهونة بقرارات مؤتمر جنيف 1 الدولي ذو سلاته الثلاث :
1 – تشكيل حكومة إنتقالية .
2 – كتابة دستور جديد .
3 – إجراء إنتخابات عامة .
إلى أن مشروع لن يتوقف عند حدود الدولة ، من هنا جاءت الحرب الإسرائيلية على إيران والتي توقفت بعد أيام معدودة لأسباب موضوعية تتعلق بأمور تكتيكية بالحرب التي لها أهداف أبعد من الحرب على إيران ، والتي قد تتجاوز حدود دول الشرق الأسط لتشمل أفغانستان وباكستان ودول أخرى من أسيا الوسطى والقوقاز ، وقد يكون الغاية منها هو إنهاء الصراع في الشرقين الأدنى والأسط .
أخيراً فإن التغيير قادم إلى الشرق الأوسط لا محال ، مهما تعاظمت حكام أنظمة دول الشرقين الأدنى والأوسط .