رثاء في ذكرى رحيل المناضل إسماعيل عمر

مسلم شيخ حسن – كوباني

تمر الأيام حاملة معها الذكريات غير أن بعضها يبقى راسخاً في الوجدان لا تمحوه السنين ولا تنال منه قسوة الغياب. قبل أيام قليلة من ذكرى رحيل المناضل العظيم إسماعيل عمر يخيم الحزن على قلوبنا من جديد وإذ نستذكر ذاك الرجل الذي قل نظيره والذي جسد في حياته معنى الشجاعة والإقدام، مدافعاً عن قضية شعبه العادلة حتى آخر رمق من عمره .

جمع الراحل بين القيادة والتواضع. فكان رئيساً لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ومع ذلك لم تفصله المناصب عن رفاقه ولا عن أبناء شعبه . بل ظل قريباً من الجميع، يمد يده بالحب والمودة. ولم يذكر يوماً في مسيرته أنه أساء لأحد. لقد كان بحق نموذجاً للمناضل السياسي الصادق، المخلص لقضيته والوفي لشعبه.

اليوم، لا يعد استذكار شخصيته مجرد تذكير بذكريات الماضي بل إحياءً لرؤية عميقة وقراءة واقعية للأحداث. فقد أثبتت الزمن دقة تحليلاته وصواب مواقفه ما جعل من اسمه شعلةً في الوسط السياسي الكردي والسوري على حد سواء . لم يكن سهلاً في مواجهة غاصبي حقوق شعبه، وظل متمسكاً  بحلمه في الحرية والكرامة لابناء وطنه .

كان 18 تشرين الأول 2010 يوماً حزيناً ليس فقط على حزب الوحدة الذي فقد زعيمه فحسب بل على الحركة الكردية برمتها وعلى رفاقه في المعارضة السورية الذين وجدوا فيه رجلاً صادق الكلمة عميق الانتماء ، واسع العلاقات  حريصاً على بناء جسور الحوار، ولعب دوراً هاماً في تشكيل التحالفات السياسية في أدق مراحل تاريخ سوريا.

ما تزال صورته حاضرة في أذهاننا رجل لايعرف التراجع عن الدفاع عن الحق ولا يقبل المساومة على كرامة شعبه. سعى بكل ما أوتي من قوة لتوحيد الصف وتعزيز البناء الكردي في مواجهة التحديات مؤمناً بأن وحدة الموقف والصف هي السبيل الى الحرية.

ما نكتبه اليوم عن مناقب وصفات ليس إلا غيضاً من فيض  عطاء رجل كرس عمره لخدمة قضية عادلة عانت عقوداً من التهميش والاضطهاد على يد نظام البعث . كان صوتاً شجاعاً في مواجهة الاستبداد و مدافعاً عن الحق بكل ما أوتي من القوة.

إن ذكراه لا تختصرها الكلمات، ولا تفيه المقالات حقه. فقد عاش بسيطاً ورحل عظيماً ، تاركاً وراءه إرثاً من الوفاء والصدق والمثابرة. ورغم مرارة رحيله، يبقى عزاؤنا أن نضاله لم يذهب سدى.

إن رحيل المناضل إسماعيل عمر ترك فراغاً كبيراً لكن إرثه النضالي ومواقفه المشرفة وسيرته الطيبة ستظل منارة تهدي الأجيال القادمة إلى طريق الحق والكرامة .

سلام عليك أيها الغائب الحاضر وسلام على روحك الطاهرة التي مازالت ترافقنا تذكرنا أن للمناضلين حياة أخرى بعد الموت.

13 / 10  / 2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…