بين الرهان والاستنجاد يسقط الحركات السياسية..

سمكو عمر لعلي

إنّ التجارب التاريخية والمعاصرة على حدّ سواء، تثبت أنّ المجتمعات المظلومة لا تنهض إلّا بجهود أبنائها الأوفياء الذين يختارون طريق الكفاح الواعي والمسؤول. فحين يؤسّس هؤلاء جمعيات أو مؤسسات أو أحزاباً وطنية مستقلة، ويرتكزون في عملهم على إمكاناتهم الذاتية، المادية والمعنوية، يصبحون أكثر قدرةً على تمثيل شعوبهم بكرامة، وحمل قضاياهم إلى المحافل الدولية وإلى مواجهة القوى التي اغتصبت أرضهم.

غير أنّ التحوّل من الاستقلالية إلى الارتهان الخارجي، سواء بالاعتماد على دعم بعض الدول أو بالاحتماء بغيرهم، يشكّل منعطفاً خطيراً في مسيرة أي حركة تحررية. فالارتزاق يفقدها شرعيتها الأخلاقية والسياسية معاً، ويجعلها خاضعة لشروط المموّل أو الحامي، بدل أن تكون صاحبة قرار مستقل يخدم مصالح شعبها.

فالواقع يثبت أنّ المستجدي لا يملك حق فرض شروطه؛ إذ إنّ من يمدّ يده ينتظر ما يُعطى له بقدر ما يسمح به صاحب المال والسلطان. وهكذا يتحوّل النضال من قضية تحرر وكرامة إلى موقف ضعف وتبعية، حيث تُعلّق الآمال على شفقة الآخرين، لا على إرادة الشعب نفسه.

ومن هنا، فإنّ الخيار الجوهري لأي حركة تحررية هو الاعتماد على الذات وبناء مقومات القوة من الداخل، حتى لو كان الطريق أطول وأصعب، لأنّ الاستقلال لا يُشترى بالمال، ولا تُسترد الحقوق عبر أبواب المانحين، بل تُنتزع بالإرادة الحرة والقدرة على الصمود.

19/9/2025

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…