دلدار بدرخان
تخيل أن يأتي التحالف الدولي اليوم بقيادة الولايات المتحدة ليُقسِّم سوريا إلى قسمين، فيرسم حدوداً تمتد من منتصف دير الزور حتى منتصف حلب وإدلب، بحيث يشمل هذا التقسيم كامل الشمال الشرقي وصولاً إلى الشمال الغربي من البلاد، ويُطلق على الدولة الناشئة مثلاً اسم “دولة الشمال”.
لكن ما إن يُعلن هذا التقسيم حتى تهتز البلاد بثورة شعبية عارمة رفضاً لتمزيقها ، فتواجهها الحكومة بالقمع، ونتيجة لذلك ، يُضطر بعض العوائل من دير الزور وحلب وإدلب التي أُبقيت داخل “سوريا القديمة” إلى النزوح نحو “دولة الشمال”، متحدين حدوداً وُضعت قسراً لا تعكس حقيقتهم ولا انتماءهم.
وهنا يبرز السؤال:
هل يسمى هؤلاء مهاجرين غير شرعيين جاؤوا إلى دولة الشمال؟
أم أنهم تنقلوا ضمن أراضيهم التاريخية رافضين التقسيم، وأن الجريمة الحقيقية ليست في عبورهم الحدود المصطنعة ، وإنما في رسم تلك الحدود نفسها؟
إن ما نتخيله في هذا السيناريو ليس محض خيال، وإنما هو بالضبط ما جرى للشعب الكُردي عقب اتفاقية سايكس بيكو،
ففي مناطق مثل عفرين وقامشلي، انقسمت القرى بين دولتين نصفها أُلحق بتركيا والنصف الآخر بقي في سوريا، فانشطرت القرية الواحدة إلى قريتين، والبيت الواحد إلى بيتين، والعائلة الواحدة إلى قوميتين، إخوة أصبحوا “أتراكاً ” لأن أرضهم أُدرجت ضمن حدود تركيا، وآخرون باتوا “سوريين” لأن بيوتهم وأراضيهم وقعت في الجانب الآخر من الخط.
ومع مرور السنين يخرج علينا بعض الزعران من القومجيين المتعصبين ليقولوا إن الكُرد “مهاجرون من تركيا” لكن الحقيقة أن الكُرد لم يهاجروا يوماً، و أن الذي هاجر هو الانتماء على الورق، حين اقتُطعت أوطانهم وقُسمت عائلاتهم بخطوط خرائط وُضعت فوق الطاولة، بعيداً عن إرادة الناس والأرض والتاريخ.
أحسنت ..بارك الله بكم