هل بإمكان الـ PYD الإقرار بإقامة سوريا تعددية برلمانية حرة؟

شكري  بكر

 

لا شك أن نداء عبد الله أوجلان، الذي صدر مؤخرا، والمتضمن إلقاء السلاح وحل حزب العمال الكردستاني، سيؤدي إلى زوال جزء كبير من الخلافات الكردية-الكردية. على سبيل المثال، هذا النداء سيعيد الإقليم إلى ما قبل عام 1982، وهذا أمر إيجابي. وأهم معضلة هي استغلال حزب العمال لجبال قنديل وإقامة قواعد عسكرية فيها، مما يشكل مصدر خلاف بين العراق والإقليم من جهة، وتركيا من جهة أخرى.

أما بالنسبة لموضوع حزب الحل الديمقراطي الكردستاني، فلم يكن له أي تأثير على حكومة وشعب كردستان في الإقليم، بخلاف الشأن الكردي في سوريا، حيث لا يزال حزب الاتحاد الديمقراطي يحكم مناطق واسعة من كردستان سوريا. ونأمل أن تؤدي زيارة وفد إمرالي لمحافظة الحسكة والتباحث مع قيادة “قسد”، ممثلة بالسيد مظلوم عبدي، إلى تصحيح بعض مسارات الـ PYD على الصعيدين الوطني والقومي، ووضعه أمام الأمر الواقع لتغيير سياساته بما ينسجم مع نداء أوجلان.

من جهته، صرح مظلوم عبدي وقادة آخرون، عقب صدور نداء أوجلان، بأن هذا النداء موجه إلى حزب العمال الكردستاني وليس إلى حزب الاتحاد الديمقراطي. مبدئيا، إن دل هذا على شيء، فإنه يدل على رفضهم لنداء أوجلان.

ماذا يعني هذا الكلام؟
هذا يعني أن حزب الاتحاد الديمقراطي يجعل من نفسه أداة لخدمة مشاريع إقليمية ودولية لا علاقة لها بالقضية الكردية، لا من قريب ولا من بعيد.

ما الذي يدفعنا للحديث عن هذا الموضوع؟
هناك عدة تصريحات صادرة عن قادة حزب الاتحاد الديمقراطي تؤكد أنهم ليسوا حزبا كرديا، بدليل أنهم شكلوا “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تتألف من قوى مختلفة من كرد وعرب وسريان وتركمان وآشوريين وكلدان، أي أنها قوة وطنية سورية. من هذا المنطلق، نراه تارة يتفاوض مع الإدارة الجديدة في دمشق للانضمام إلى الجيش السوري الجديد تحت اسم لواء مستقل، وهو ما ترفضه الإدارة السورية الجديدة، وتارة أخرى يتحاور مع المجلس الوطني الكردي بهدف تحقيق وحدة الصف الكردي.

لكن، حتى الآن، لم يعلن الـ PYD عن ثوابته السياسية في سوريا المستقبل، وهو ما لا يقبله المجلس الوطني الكردي.

هنا يبرز السؤال التالي:
ما الذي يريده حزب الاتحاد الديمقراطي على المستوى الوطني أو القومي في سوريا المستقبل؟

هل يسعى الحزب إلى فرض نفسه كقوة سورية على الأرض ليصبح شريكا في الإدارة السورية الجديدة، التي ستنتهي صلاحيتها بانتهاء الفترة الانتقالية؟ تلك الفترة التي سيتم خلالها صياغة الدستور، وإجراء انتخابات عامة برعاية أممية، ثم ربما تتجه سوريا نحو الاستقرار الأمني والعسكري والسياسي والاجتماعي، أو ربما العكس، حيث يتم احتكار السلطة من قبل المكون العربي عبر إقامة نظام عروبي إسلاموي.

إزاء هذه الممارسات غير العقلانية، أعتقد أن للمجلس الوطني الكردي الحق في وضع شروط محددة لمسار وحدة الصف الكردي، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

  1. إنهاء حالة العسكرة في صفوف الـ PYD.
  2. تبييض السجون التابعة للـ PYD، والإعلان عن مصير المفقودين.
  3. تحديد هوية الـ PYD والإعلان عن نفسه كحزب كردي ضمن الأحزاب الكردية في سوريا.
  4. إقرار الـ PYD بأن الشعب الكردي أصيل ويعيش على أرضه التاريخية، وليسوا ضيوفا لدى الدولة السورية.
  5. الاتفاق على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره عبر إقامة نظام تعددي برلماني حر.
  6. الاتفاق على عقد مؤتمر قومي كردي في سوريا لإنجاز التمثيل الكردي، والدخول في حوار وطني مع الإدارة الجديدة في دمشق حول مصير الكرد في سوريا المستقبل.

أما ما يتعلق بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في العاشر من آذار الحالي بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي، فهو مجرد اتفاق عسكري لدمج “قسد” بالجيش السوري، بينما سيتم توقيع الاتفاق النهائي بين الإدارة السورية الجديدة وممثل الشعب الكردي، الذي سيتم اختياره عبر لجنة الحوار الكردي-الكردي لتحقيق وحدة الصف الكردي.

هذه هي خارطة الطريق لإقامة سوريا تعددية برلمانية حرة في المستقبل.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…