نحو خطاب وطني جامع: مسؤولية الأحزاب الكردية في لحظة التحوّل السوري

شفان إبراهيم

  في ظل المتغيّرات المتسارعة على الساحة السورية، يبرز سؤال أساسي: كيف يمكن للأحزاب الكردية، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، أن تلعب دوراً مركزياً في بناء خطابٍ وطنيٍّ جامع، يعكس تطلُّعات الشعب الكردي، ويخاطب في الوقت نفسه باقي المكوّنات السورية؟

  لقد دفعت المأساة السورية منذ عام 2011 الجميع إلى إعادة النظر في مفهوم الدولة، السلطة، والهوية الوطنية. وبينما تاهت قوى كثيرة في شعارات فضفاضة، أو ارتهنت لإرادات خارجية، بقي الشعب الكُردي وفياً لمطالبه المشروعة في الحرية والكرامة، وسعى جاهداً لتثبيت حضوره عبر أدوات سياسية وسلمية راقية، من بينها المشاركة في المؤتمرات الوطنية والحوار مع باقي الأطراف السورية، ورفض الحوار مع النظام السوري، والوقوف لجانب الشعب السوري، والإصرار على الحلول السلمية في المعضلة السورية ورفض الحل العسكري.

   لكننا الآن، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بحاجة إلى إعادة صياغة خطابنا السياسي، بحيث لا يقتصر على المطالب القومية العادلة فقط، بل يطرح نفسه كمشروع وطني ديمقراطي قادر على تجاوز ثنائية الضحية والجلاد، والتفكير في مستقبل سوريا ككل. وهذا لا يتم إلا من خلال:

1-بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الديمقراطية في الداخل السوري، بما فيها القوى العربية والآشورية السريانية، على أساس رؤية مشتركة لسوريا تعدُّدية لا مركزية.

2-إعادة تعريف الهوية الكردية بوصفها جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني السوري، دون التنازل عن خصوصيتها الثقافية والسياسية والقومية، والتأكيد إن التشييد الهويّاتي لا يتم بواسطة الخطب الشفهية للسلطة.

3-التركيز على العمل المؤسساتي والإعلامي لإبراز النماذج الناجحة من التعايُش والإدارة المشتركة، وإبراز الفارق بين مَنْ يطالبُ بالحقوق المشروعة لشعب وقضية، وبين مَن يوظّفها لترسيخ أو ترويج تُهم فوضوية أو انفصالية.

   إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، بما يمتلكه من تاريخ نضالي ورصيد شعبي، قادر على أن يكون رأس حربة في هذه المعركة السلمية من أجل إعادة تشكيل سوريا جديدة، لا مكان فيها للظلم أو الإقصاء.

   مسؤوليتنا لا تقتصر على الدفاع عن حقوق شعبنا فحسب، بل تمتد لتشملَ تقديمَ نموذجٍ يُحتذى به في الانفتاح، والاعتدال، والعمل السياسي المسؤول والسلمي.

========

صحيفة ” كوردستان” العدد 752

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…