منّي البيانُ وإبراء الذمّة، ولكم الحكم والتتمّة

المحامي عماد الدين شيخ حسن

 

نشر مجلس سوريا الديموقراطية ( مسد) عبر صفحته الرسمية وموقعه على منصة ” X” مقالاً لعبد القادر موحد، عضو المجلس التنفيذي في مجلس سوريا الديمقراطية، بعنوان:

( المصطلحات القومية في الفكر الاوجلاني من ” الشعب الكردي” الى ” المجتمع الكردي” و” المجتمع الاصيل”)، وسرعان ما جرى حذف المقال وازالته من الموقعين.

وبالنسبة لي شخصيّاً، كان المقال في غاية القيمة والأهمية، وأنار لي بعض الحقائق الجوهرية والهامة التي كانت غائبة عني وأعترف بأنني كنت أجهلها، كما الكثيرين جداً مثلي على ما أعتقد.

ولعل أولى تلك الحقائق وأبرزها، تكمن في أن ما ورد في اتفاق الشرع والجنرال عبدي، وتحديداً في البند الثاني منه” الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء أصيل من الدولة السورية، وضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية”، لم يكن إلا بنداً يوافق ويلبي تماماً رغبة ومراد السيد عبدي، ومشيئته، وعموم قسد ومسد والادارة، على خلاف ما كنت أو كنا نظن ونعتقد.

فعبارة أو مفهوم” المجتمع الكردي” يعتبر ركناً جوهرياً من اركان مفهوم الأمة الديمقراطية في مانيفستو خارطة الطريق وفكر وفلسفة السيد أوجلان، وينبعي الارتكاز عليها في إعادة صياغة العلاقة بين الهوية والمجتمع خارج اطار الدولة القومية التقليدية، وبالتالي ينبغي التحول من استخدام مصطلح ” الشعب الكردي” كمصطلح ومفهوم تصنيفي قومي ضيق يجب تجاوزه، الى مصطلح ومفهوم ” المجتمع الكردي” أو المجتمع الأصيل.

في الواقع، لا أخفيكم بأنني ونتيجة ضحالة معلوماتي السياسية، ولا سيما في إطار الأدبيات السياسية الكردية، كنت اعتقد بأن الشرع هو الذي مارس نوعاً من الاصرار أو فرض الارادة على الجنرال في اختيار عبارة ” المجتمع الكردي” وأن الجنرال قبل بها نتيجة ضرورةٍ ما لإبرام هكذا اتفاق، أو نتيجة ضغوطٍ ربما  أو حسابات خاصة نجهلها ولا نريد بالتالي أن نظلمه فيما اتجه اليه، بدليل أن توقيت الاتفاق  كان صادماً، وبمثابة حبل نجاة للشرع على خلفية أزمته في الساحل.

ليتبين ويثبت لنا بما لا أراه يقبل الشك، عكس ذلك تماماً، وأن ورود المفهوم كان عن كامل القناعة، والتزاماً واقتداءً من الجنرال عبدي بآيديولوجية يؤمن بها، وبالتالي ربما هو، أي عبدي، الذي فرض العبارة على الشرع وآثر ” المجتمع الكردي” على ” الشعب الكردي”.

الآن وسنداً لذلك…اسمحوا لي أن أشارككم بعضاً مما يرهقني من الأسئلة وأعتذر عن ارهاقكم بها.

– هل السيد اوجلان وأنصار فكره، يعلمون يا ترى وهم بصدد استبدال المفاهيم، الآثار والتبعات القانونية لكل من ” المجتمع الكردي مجتمع اصيل” و ” الشعب الكردي شعب اصيل” وأن اقرارك كصاحب الشأن والقضية، بالمفهوم الأول هو كارثة من حيث المعنى والتبعات وحجة عليك، وأن انتزاعك الإقرار بالمفهوم الثاني، من خصمك في المقابل، ومن صفةٍ كصفة الشرع رئيساً، هو انجازٌ تاريخيّ عظيمٌ وحجةٌ عليه؟

– هل يعلمون بأنهم بتلك العبارة وبملىء المشيئة والارادة يخلعون عن شعبٍ بأكمله، لديه كامل مقومات الشعب، وصف ومصطلح الشعب وحقوق ذاك الوصف بالتالي؟؟

لا بل يضعون هذا الشعب في سوريا، مقام ومصاف القرباط والارمن والشركس وسواهم، كمجتمعات مهاجرة، لا كشعبٍ أصيل يعيش على ارضه التاريخية، ولكم ان تتخيلوا خطورة وكارثية هذا الامر وحده.

– هل يعلمون تلك التبعات يا ترى ويتقصدون المضيّ فيه، أم لا يعلمون وكان مأزقاً وقعوا فيه، وسيسعون الى تداركه وتصحيحه في مقبل الأيام والمحطات؟

أرى بأن مبادرتهم الى حذف المقال، يحمل برأيي أحد التفسيرين المناقضين التاليين:

إما أنهم ونتيجة النقد الشديد والواسع للعبارة ومآلاتها، أدركوا مقدار وحجم الورطة والخطأ، وبالتالي لا يريدون الترويج له، أو اظهار ما يثبت مسؤوليتهم عنه.

وإما انهم يرون من الانسب المضي فيه في الخفاء وبعيداً عما يمكن أن يسبب لهم أي ضغطٍ أو حرج وما شابه.

– أليس غريباً جداً أن تطرح أفكاراً أفلاطونية في بيئةٍ بعيدة كل البعد عنها وعن قبولها،لا بل في بيئةٍ تتنامى وتشتد فيها  النزعة القومية بالتحديد، لدرجة أنهم سخروا ويسخرون أقدس مقدساتهم واولى اولوياتهم لخدمتها وفي أحرج ظروفهم وأضيقها، بدليل ” الجمهورية العربية السورية” هي تسمية غير قابلة للمساومة لديهم، و”العربية” هي قبل “السورية” الوطن، والاسلام والاسلامية إن لم ترد في الاسم، فلا مشكلة.

بينما تأتي انت لتقوم مقام الانبياء والقديسين وتضحي بأغلى ما لديك لقاء وهم.

المانيا..١٦ مارس ٢٠٢٥

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…