مااحوجنا الى مراكز مستقلة للبحث والحوار

صلاح بدرالدين

في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية ، والسلطات التشريعية وجميع مصادر القرار مايصدر عنها من خلاصات أبحاث ، وتقارير حول مختلف مناحي الحياة ، ومن ضمنها نصائح ومقترحات حول الحوكمة ، وإدارة البلاد من النواحي الاقتصادية ، والعسكرية ، والأمنية ، والاستراتيجية ، والعلمية ، وقضايا السلم ، والإرهاب ، والحروب بالوكالة ، وبؤر التوتر على الكوكب ، وفي تلك البلدان وعندما تعقد مؤتمرات الحوار ، لايشارك فيها الا المختصون ، والمفكرون ، وأصحاب الدرجات العلمية ، ومدراء تلك المراكز ، ولايشارك المسؤولون الحكومييون الا لمتطلبات بروتوكولية صرفة وبشكل نادر وكمستمعين بين صفوف الإعلاميين والمتابعين .

في بلداننا ينعدم تقريبا وجود مؤسسات مستقلة في مجالات البحث ، والحوار ، وليس هناك من ميزانية خاصة بها ، وان وجدت تكون من صنع الحاكم او الحزب او الأحزاب الحاكمة وتحت مراقبتها الأمنية الشديدة  ، وقد تجد عشرات الأمثلة في بلداننا تعرضت فيها مشاريع بحثية وثقافية مستقلة الى الحصار ، والتهديد الأمني ، وتمت مساءلة وجوه ثقافية بارزة وتعرضها للضغوط للتوقف عن تنشيط العمل الثقافي ، ووقف الندوات الحوارية ، والاغرب من كل ذلك يتقمص الحاكم دور المفكر ، والمثقف ، ويلقي المحاضرات حول حكمه ، وسلطته ، والذين لايشاركون مباشرة يتصدرون الصفوف الامامية وحراسهم من خلفهم ، اما كتبة محاضرات الحاكم  ، وخطاباته فمحظور عليهم حتى الحضور والمشاركة في تلك المؤتمرات ، يعني بايجاز الحاكم عندنا : قائد سياسي ، وخبير عسكري وامني ، ومفكر ، ومثقف ،  ومختص بالاقتصاد ، والبيئة ، ، والبورصة والتجارة ، لذلك لاحاجة الى اقتطاع جزء من الميزانية للمؤسسات العلمية ، فالحاكم كفيل بتوفير المال العام ؟! .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…