شكري بكر
هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن إستخدام تلك القوة الإقتصادية 100% لخدمة البشرية .
فلو أردنا أن نقرأ التاريخ عبر عصوره المختلفة نرى بأنه كان لكل عصر له فلاسفته ، مفكرينه ، مبدعينه ، أدباؤه مخترعينه ، مؤلفينه ، علماؤه ، وشعراؤه ، موسيقيه ، دون أن يكون لكل شعب مر عبر ذو حضارة ، السومريين هم أول من أقاموا الحضارة ، وتنظيم الحركة المتعلقة بكافة جوانب حياة الإنسان وسبل عيشه ، بعد السومريون ، إبتدع اليونانيين هم أول من إبتدعوا مصطلح الديمقراطية ، وفي ألمانيا وفي القرن التاسع كتب ليوبولد فون رانكي أول من كتب تاريخ سياسي علمي ، حيث أثرت منجياته تأثيرا عميقا في المهمة الأولى للتاريخ السياسي هو دراسة الأيديولوجية كقوة للتغيير التاريخي ، لأهميتهما جاء تلازم السياسة الديمقراطية ومن الصعب الفصل بينهما .
هذا يدفعني أن أطرح السؤال التالي :
هل من مبدع لدمقرطة السياسة في العصر الحديث ؟.
الجواب حسب رأي الشخصي نعم ، لنأخذ مثال ، حيث أن الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف عمل على دمقرطة السياسة عبر طرحه مفهوم البروسترويكا والتي تعني التغيير عبر إتباع سياسة الغلاستنوست التي تعني الشفافية هي من أدت إلى تفتيت الإتحاد السوفيتي السابق وحصول كل دولة من دولها على إستقلالها الذاتي ، والسبب في هذا التشتت كان سوء الإدارة التي كانت في قبضة الحزب الشيوعي السوفيتي ذات الشعار يا عمال العالم إتحدوا ، حيث كان الهدف من طرح هذا الشعار فصل العامل عن رب العمل ، وبنفس الوقت كان هناك سوء الإدارة من قِبل أرباب العمل .
يا ترى هل بالمقابل هناك من يطرح مشروع يؤدي بها إلى تفتيت النظام الرأسمالي ؟.
أعتقد لا ، لأن النظام الرأسمالي قبل وبعد إنهيار الإتحاد قد درسوا المستقبل بكل جوانبه السياسي والإقتصادي والمجتمعي ، في تبنيه النظام الإنتخابي الديمقراطي الحر في إنتقال السلطة الذي بات يشكل مدخلا لحركة البشرية وتقييم الماضي سياسيا وإقتصاديا الذي كان تميز بإستغلال قوت العامل من قِبل رب العمل ، وتحسين ظروف العمل والعامل والتفكير برفاهية الإنسان بما يتوافق مع تطور البشرية بتفاعل إيجابي من المحتمل أن يؤدي به نحو إقامة النظام العالمي الجديد والذي من الممكن أن يساهم الكثير من الدول وأمم مختلفة وذلك بتبني سياسة التكافل الإقتصادي لخدمة الإنسانية وتطوره نحو الرخاء والرفاهية من توفير ضمان نظام صحي وتعليمي وتربوي ومعيشي يختلف كليا عن ما كان سائدا في العصور الماضية والذي إنتشر فيه إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، أعتقد أن دمقرطة السياسة شكل من أشكال تطور المجتمع البشري ، عبر جعل الكورة الأرضية قرية واحدة أو دولة واحدة ذو نظام سياسي إقتصادي واحد ، والسؤال الذي يطرح نفسه :
هل بإمكان البشرية أن تقيم هكذا نظام ؟.
حسب وجهة نظري نعم وبسهولة إذا تغلبنا على بعض المفاهيم الدينية ، وضيق الأفق البشري وذلك بتجاوز الحدود القائمة على خصوصية التمييز في اللون أو الدين أو الجنس أو العرق ، وإتخاذ مبدأ لا تمييز بين الطبقات وشرائح المجتمع البشري ، كما يقال :
الدين لله والوطن للجميع ، إذا إنطلقنا من هذا المفهوم يمكننا أن نعمل المستحيل ونتغلب على كافة مصاعب الحياة ، عندها يمكننا أن نقضي على الكوارث الطبيعية
والأمراض السارية المنتشرة في جميع أصقاع كورتنا الأرضية وجميعنا معنيون بها ونتضرر منها ، فالحياة رونقة الجمال ، إلا أن هناك بعض المجموعات البشرية ذات نفوذ شريرة ومريضة مصابة بمرض حب الذات والمال السياسي هم الذين يعملون على إزالة جمالية الحياة ورونقتها ، فبدل من أن نعمل على إقامة دول صغيرة ، إذا توجهنا نحو إقامة دولة كبيرة تضم جميع دول أصقاعنا المشتت والمبعثر والمنتشر بشكل إمارات وممالك وسلاطين ودول صغيرة وضعيفة كغابة فيها القوي يبتلع الضعيف . لنوحد جهودنا ونلم شملنا كقوى بشرية والسير نحو تحقيق الهدف النبيل بإقامة نظام عالمي جديد لا غالب فيه ولا مغلوب .