كتاب «من أسقط التمثال؟- شهادات وحوارات في انتفاضة آذار الكردية 2004 » الحلقة الناسعة والعشرون (شكري حسين*)

في اليوم الثاني من انتفاضة الشعب الكرديّ 12/3/2004م، ذلك اليوم الذي توحّدت فيها قواعد الأحزاب الكردية والمستقلين وجميع فئات الشعب الكردي ضدّ الظلم والعبودية، والتي انطلقت من ملعب قامشلي لكرة القدم بين فريقي الفتوّة والجهاد، وذهب ضحيتها بعض الشباب الكرد.. في ذلك اليوم 13/3/2004م قررت الجماهير الكردية مع أحزابها السياسية تشييع شهدائهم في مقبرة (قدور بك) بحشدٍ غفيرٍ، حيث تجمّعت في بلدة قامشلي آلافٌ من المواطنين الكرد ومن جميع بلدات محافظة الحسكة، وبعد انطلاق الجماهير من جامع قاسمو في حي الهلالية باتجاه المقبرة..

حينها تفاجأتِ الجماهير بإغلاق الشوارع الرئيسية أمام الجنازات، ومنعها من الوصول إلى المقبرة من قِبل الشرطة والأمن وجيش النظام؛ لتشييع الجنازات على شكل مظاهراتٍ، وتمّ فيها إطلاق الرصاص الحيّ على الجماهير الغاضبة ممّا أدّى إلى استشهاد حوالي 35 شخصاً وفي الأيام 13- 14- 15- 16 من نفس الشهر انتقلتِ الانتفاضة إلى جميع مدن سوريا التي يتواجد فيها الأكراد مثل: (حلب، دمشق، عفرين، كوباني، الرقّة).

ونتيجة تلك المظاهرات تمّ إلقاء القبض على المئات من شباب الكرد وحتّى النساء، وقد كنتُ واحداً من السجناء، حيث تمّ إلقاء القبض عليّ في الساعة الثانية عشرة ليلا يوم 13/3/ 2004م مع بعضٍ من زملائي في بلدة تربه سبي من قِبل مفرزة فرع أمن الدولة في تربه سبي.. والذين تمّ القبض عليهم هم: (الأستاذ شكري جمعة، الأستاذ ريبر موسى، الأستاذ شكري علي حسين، وجواد سكو، والفني المدني نجم الدين، وصاحب محل أدواتٍ منزليةٍ موسى فتاح، وصاحب محل ألبسةٍ صبغة الله ملا بشير)، وبعد ذلك التحق بنا الأخ علوان حسين في سجن الحسكة، وكذلك تمّ القبض على مجموعةٍ أخرى من شخصيات البلدة من قِبل فرع الأمن الجوي وهم: حاج غربي، والأستاذ زنار عباس، وصاحب محلّ الذهب حسن طاهر.

وتمّ نقلنا جميعاً بعد إجراء التحقيقات من السلطات الأمنية في الحسكة إلى العاصمة دمشق إلى سجن صيدنايا، حيث الضرب والشتم والتعذيب من قِبل عناصر السجن، وكان التحقيق مركّزاً على بعض الأسئلة مثل: (كيف نزلتم إلى الشارع أنتم البرزانيين مع الآبوجيين..؟) مستغربين من ذلك.. وكان جوابنا بأنّها مظاهرةٌ عفويةٌ ولا يوجد أيّ اتفاقٍ مسبقٍ بيننا.

والسؤال الثاني الذي ركّزوا عليه هو: (من حرّضكم على ذلك..؟ وأيّة دولةٍ تدعمكم..؟)، ولكنْ وللأسف تمّ بعد عدّة أيامٍ عقدُ اجتماعٍ من قِبل بعض العشائر العربية والكردية ومعها الأحزاب الكردية وبعض المستقلّين وبعض الطوائف مثل السّريان والآشور والإيزيدية.. وبإشرافٍ مباشرٍ من قِبل ضباط الأمن السّوريّ؛ لإصدار بيانٍ متّفق عليه يدعو إلى إيقاف الانتفاضة.. وكان الاجتماع في مضافة رئيس عشائر الطي (محمد الفارس) في قرية (جرمز).

 

* مدرس من معتقلي الانتفاضة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…