بيان إلى الرأي العام
تفاءلنا خيرا نحن في قوى المجتمع المدني الكوردستاني كما معظم أبناء شعبنا بسقوط النظام الديكتاتوري، الذي جثم على صدر السوريين قرابة ستة عقود والذي اتسم بتفشي الفساد وبناء الدولة الأمنية التي زرعت السجون والمعتقلات في طول البلاد وعرضها، ورحبنا بالسلطة الانتقالية الجديدة بقيادة أحمد الشرع على أمل اتخاذ إجراءات بحل هيئة تحرير الشام والانتقال من عقلية الفصائلية الجهادية إلى عقلية الدولة المدنية، إلا أن معظم ما اتخذته سلطة الشرع من إجراءات تمحورت في تكليف شخصيات بالمناصب الوزارية والعسكرية من لون واحد وفكر واحد، آخذا شرعيته من الخارج ونصب نفسه رئيسا بناء على قرار فصائل عسكرية معظمها تنتمي إلى الفكر التكفيري الجهادي، أعقبها مسرحية الحوار الوطني دون حضور ممثلي الشعب السوري من الأحزاب السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني، هذه الإجراءات أثارت أسئلة جوهرية حول مستقبل البلاد في ظل السلطة الانتقالية التي لم تفصح عن وجهها الحقيقي رغم كل الإشارات الخطيرة فهل نحن أمام حكم يستمد مشروعيته من الدولة والقانون ؟ أم أمام سلطة تكرس نفسها بمرجعية دينية محددة تعيد إنتاج صيغة حكم لا يختلف كثيرا عن النماذج التي كانت قائمة في الشمال السوري، حيث تعمل كإقليم منفصل له محدداته الشرعية وآلياته الأمنية ؟
وبالرغم من وجود العديد من الملاحظات في الاتفاق الذي تم بين سلطة الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي رحبنا نحن في قوى المجتمع المدني الكوردستاني به حتى لا يتهم شعبنا الكوردي بالانفصال، لكن إصرار سلطة الشرع على النهج الاقصائي واللون الواحد، إنما هو مقدمة لإظهار النوايا الخفية لإرساء نظام عروبي اسلاموي مركزي لاديمقراطي في خدمة أجندات دول إقليمية دون الاكتراث بالتعدد الديموغرافي لسكان سوريا، والإساءة إلى مكوناتها من عرب وكورد وعلويين ودروز ومسيحيين، وعدم احترام مبادئ السلم الأهلي والعيش المشترك تم التعبير عنها في ما سمي بالإعلان الدستوري الذي صدر بالأمس
إننا في قوى المجتمع المدني الكوردساني نعلن عن رفضنا الشديد والمطلق لهذا الإعلان الذي يكرس الرؤيا الشمولية للحكم السابق ويعيد إنتاج ديكتاتورية اقصائية بصيغة جديدة، ولا يضمن التمثيل العادل لقيام الدولة التي ينشدها كافة أطياف ومكونات الشعب السوري، وهي الدولة المدنية التعددية الديمقراطية، التي تحقق العدالة الاجتماعية ويضمن دستورها فصل السلطات في نظام لا مركزي سياسي يسوده القانون ويحفظ حقوق الجميع .
إن إصرار سلطة دمشق على تكريس المفاهيم التي لم تعد توافق واقع سوريا كدولة متعددة الاثنيات والأديان والمذاهب، مما يقودنا إلى تسجيل تحفظنا على ما ورد في الإعلان الدستوري هذا خصوصا في اسم الدولة ومصدر التشريع وإغفال دور المرأة والصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية، فضلا عن أن الإعلان لم يقدم ضمانات حقيقية لممارسة الحقوق والحريات، وتحديده لمدة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، وعدم الاعتراف بخصوصية الشعب الكوردية كثاني قومية، وقضيته في سوريا كقضية شعب يعيش على أرضه، وعدم اعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية .
إننا في قوى المجتمع المدني نطالب بإعادة صياغته الإعلان الدستوري بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري عامة، و تشكيل اللجنة الدستورية بحيث تضم ممثلين عن جميع مكونات الشعب السوري، لوضع دستور دائم يعبر عن تطلعاتها في إرساء دعائم الأمن والاستقرار.
قوى المجتمع المدني الكوردستان. 15\3\2025