شكري بكر
ورد في سياق بلاغ الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي فقرة في غاية الأهمية، وهي:
“تأكدت الأمانة العامة للمجلس من تشكيل وفد مشترك ورؤية كوردية موحدة في أقرب وقت ممكن.”
إنه تأكيد جيد، إلا أن هناك سؤالا يطرح نفسه:
ما هي الآلية التي سيتشكل بها الوفد المشترك؟ وما هو مضمون الرؤية الكوردية الموحدة؟
ولإجراء قراءة سياسية لمواقف طرفي الحوار الكوردي-الكوردي، نلاحظ ما يلي:
إن موقف المجلس الوطني الكوردي واضح تماما منذ إعلانه، حيث يتمثل في إسقاط النظام والعمل ضمن صفوف المعارضة. وقد تم التوقيع على وثيقة بين المجلس الوطني الكوردي والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، تضمنت الاعتراف بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي، وفقا لما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية.
كما يؤكد المجلس على إقامة نظام تعددي اتحادي برلماني حر.
أما الطرف الآخر، فتبقى رؤيته غير واضحة المعالم حول طبيعة النظام في سوريا المستقبل، حيث يتبنى عدة نظريات أو مشاريع تتعلق بالشأن السوري العام والقضية الكوردية بشكل خاص.
ففي البداية، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي سلطة الأمر الواقع في جميع مناطق كوردستان سوريا، وهو النظام المعمول به حتى الآن. وفي الوقت ذاته، طرح نظريات أخرى مثل “إخوة الشعوب”، و”الأمة الديمقراطية”، وأخيرا مفهوم “الدولة المختلطة”.
من هنا، تساورنا الشكوك حول موقف حزب الاتحاد الديمقراطي ومدى ثباته تجاه القضية الكوردية في سوريا، بما يتوافق مع مبادئ شرعة الأمم المتحدة التي تكفل حق الأمم في تقرير مصيرها.
بين الحين والآخر، تصدر تصريحات من قادة هذا الحزب تتضمن معارضتهم إقامة الدولة القومية، وكذلك رفضهم النظام الفيدرالي أو الحكم الذاتي، في حين أنهم يؤيدون فقط فكرة إقامة نظام يستند إلى اللامركزية الإدارية. ومن خلال هذه المواقف، يتضح أنهم يقدمون على تقزيم قضية الشعب الكوردي، عبر تصويره كأقلية قومية مهاجرة من شمالي كوردستان، استقر بها الحال في مدن وبلدات الشمال السوري، وكأنها مجرد ضيف لدى أنظمة الحكم في سوريا.
إنهم بذلك يتجاهلون حقيقة أن الشعب الكوردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية، ضمن الدولة السورية التي تشكلت بموجب اتفاقية سايكس-بيكو المشؤومة، والتي جعلت من كوردستان سوريا خاضعة لنظام عربي، جاء به القادمون من شبه الجزيرة العربية إبان الغزو الإسلامي. أي أن الكورد شعب أصيل في المنطقة، بينما العرب السوريون ليسوا السكان الأصليين للأراضي السورية.
الاستمرار بهذه الممارسات يثير القلق ويعزز المخاوف حول عدم جدية التعامل مع قضية الشعب الكوردي في سوريا، وآفاق حلها بشكل ديمقراطي عبر الإقرار بالنظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي.
وهذا ما لا نتمناه، حتى لا نخرج من المولد بلا حمص.