في الذكرى الثالثة عشرة لتأسيس المجلس الوطني الكوردي في سوريا: عوامل القوة ، ونقاط الضعف…الآمال المستقبلية…؟

اكرم حسين

منذ تأسيسه قبل ثلاثة عشر عاماً يعتبر المجلس الوطني الكوردي في سوريا (ENKS) تجربة هامة واساسية  في السياسة الكردية السورية. فقد تأسس المجلس في 26 أكتوبر 2011، كخطوة استراتيجية لجمع الأطياف السياسية والمدنية والشبابية الكردية تحت مظلة واحدة ، بهدف تنسيق الجهود وتعزيز مواقف الكرد في سوريا ، خاصة في ظل الظروف المعقدة التي شهدتها البلاد عقب انطلاق الثورة السورية .

وبمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لتأسيس المجلس سنحاول أن نستعرض بشكل مختصر عوامل القوة ونقاط الضعف التي رافقت مسيرة المجلس الوطني الكوردي، ونقيّم ما حققه المجلس خلال هذه السنوات، وأخيراً، سنناقش ما يجب عليه فعله لتفعيل دوره على الساحة السورية ، وكجزء فاعل من المشروع القومي الكردي .

عوامل القوة:

  1. منذ تأسيسه ،  سعى المجلس الوطني الكوردي إلى أن يكون مظلة تضم مختلف التيارات والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية  الكردية في سوريا ، بما فيها التنسيقات والمرأة . هذا التنوع أعطى المجلس ميزة  التعدد الفكري والسياسي للمجتمع الكردي، واسهم في تحقيق توازن بين مصالح الفئات المختلفة.
  2. حظّيَ المجلس الوطني الكوردي بدعم سياسي قوي من إقليم كردستان العراق . مما عزّز موقف المجلس في المحافل الإقليمية والدولية ، وساهم في جعله الصوت المعبر عن الشعب الكردي  في سوريا. كما ساعدت شبكة العلاقات السياسية للمجلس في تواجده ضمن اطر المعارضة السورية الرسمية  ، واكتساب اعتراف دولي ، وخاصة من الدول الغربية .
  3. أثبت المجلس الوطني الكوردي خلال المرحلة المنصرمة ، التزامه بالعمل السياسي السلمي ، كأداة لتحقيق المطالب الكردية ، ورفض اللجوء إلى العنف كوسيلة لحل النزاعات الداخلية أو الخارجية .

نقاط الضعف:

  1. على الرغم من أن تأسيس المجلس جاء بهدف توحيد الأطراف الكردية ، إلا أن خروج بعض الأحزاب التي  شاركت في التأسيس – دون التطرق للأسباب – وعدم تمكنه من إدارة الاختلافات ، واحتواء هذه الأحزاب بشكل فعال ، أثّر سلباً على المجلس وأضعف من فعاليته .
  2. عانى المجلس من غياب استراتيجية سياسية واضحة على الصعيد الوطني السوري ، والعمل على تجسيدها عيانياً . فقد تم التركيز على المسائل التكتيكية اليومية ، أكثر من رسم خارطة طريق شاملة  للمستقبل الكردي في سوريا ، الأمر الذي  قلّل من قدرته على التأثير في مسار الأحداث وتطوراتها اللاحقة .
  3. على الرغم من أهمية دور الشباب والمرأة في المجتمع، إلا أن المجلس لم يتمكن من إدماجهم بالشكل المناسب في هيكليته ، وفي عملية اتخاذ القرار. فقد كان من الممكن استغلال طاقات الشباب والنساء لإعادة الحيوية والنشاط للمجلس، وتعزيز مكانته على الساحة السياسية عبر إدارة الموارد والكفاءات .

٤. ضعف اعلام المجلس ، وعدم قدرته على الحشد والمناصرة ، والدفاع عن أحقية القضية الكردية في سوريا .

خلال السنوات الماضية، تمكّن المجلس الوطني الكوردي من تحقيق عدد من  الإيجابيات ، رغم الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي واجهته ، من أبرزها:

  1. لعب المجلس دوراً بارزاً في نقل معاناة الكرد السوريين إلى المجتمع الدولي، وساهم في كسب تأييد العديد من الدول لقضيتهم ، من خلال لقاءاته مع المسؤولين الغربيين والإقليميين، كما نجح  في إيصال رسائل مهمة حول ضرورة دعم حقوق الشعب الكردي في سوريا  لما لتحقيق هذه الحقوق من دور في الأمن والاستقرار.
  2. من خلال فعالياته ونشاطاته ، ساهم المجلس في الحفاظ على الهوية القومية الكردية في سوريا، وتعزيز الروح الوطنية بين صفوف المجتمع الكردي. كذلك ، أسهم في حماية اللغة والثقافة الكردية ، وعزّز الشعور بالانتماء إلى الأمة الكردية.
  3. رغم التحديات والانقسامات، استمر المجلس في الدعوة إلى وحدة الصف الكردي، سواء في علاقاته مع الأحزاب الأخرى أو على الصعيد القومي الكردستاني ، وقد كان هذا التوجه أساسياً في نهج المجلس لتعزيز الموقف السوري بشكل عام ، والكردي بشكل خاص.

في ظل التحديات الراهنة التي تواجه القضية الكردية في سوريا، لا بدّ أن يتّخذ المجلس الوطني الكوردي  خطوات جادة لاستعادة دوره المأمول كجزء من المشروع القومي الكردي ، ومن بينها :

  1.  العمل بجد على تعزيز صفوف المجلس ، ووضع آلية فعّالة لإدارة الاختلافات بين مكوناته ، وذلك عبر اعتماد أساليب الحوار المفتوح والمصارحة ، والتركيز على المصالح العليا للشعب الكردي.
  2. تبنّي استراتيجية سياسية واضحة بناءً على أسس واقعية، تستند إلى رؤية شاملة للمرحلة الانتقالية ، من خلال التعاون مع الخبراء والمفكرين لرسم خارطة طريق تعزًز من دور الكرد في سوريا ، وتحدّد الأهداف والوسائل بشكل دقيق.
  3. إشراك الشباب والمرأة والنخب بشكل أكبر في صنع القرار داخل المجلس ، وهو أمر ضروري لاستنهاض المجلس بشكل حقيقي ،  ويمكن  تحقيق ذلك من خلال إنشاء لجان خاصة بهذه الفئات ، وتقديم الدعم الكامل لها لتكون جزءاً فاعلاً في آلية صنع القرارات .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

منظمة حقوق الإنسان في عفرين أستُقبل وزير الثقافة في الحكومة الإنتقالية السورية محمد ياسين صالح و الوفد المرافق له في مدينة عفرين ، على أنغام الزرنة و الطبل من قبل أبناء المنطقة إلى جانب بعض من المواطنين العرب القاطنين منذ سنوات في المدينة ، وسط غياب أغلب رؤوساء البلديات و أعضاء منظمات و نشطاء المجتمع المدني و الأكاديميين الكُرد ،…

عزالدين ملا شهدت سوريا خلال العقد الماضي تحولات عميقة قلبت معالم المشهد السياسي والاجتماعي فيها رأساً على عقب، وأدت إلى تفكك بنية الدولة وفقدانها السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها. بعد سقوط النظام الذي حكم البلاد لعقود، توقّع الكثيرون بداية عهد جديد يعمه السلام والاستقرار، لكن سوريا دخلت في دوامة أعمق من الصراع، إذ تعقّدت الأزمة بشكل لم يسبق له…

عبدالرحمن كلو لم يكن مؤتمر قامشلو مجرّد لقاء عابر بين طرفين متخاصمين في الساحة الكوردية، بل كان خطوة نوعية تُلامس أفقًا سياسيًا أوسع بكثير من مجرد “اتفاق ثنائي”. فبرعاية أمريكية وفرنسية، وبإشراف مباشر من الرئيس مسعود البارزاني، تمكّن المؤتمر من جمع طيف متنوع من القوى، لا يقتصر على المجلس الوطني الكوردي أو الإدارة الذاتية، بل شمل شخصيات وطنية مستقلة،…

هولير (ولاتي مه) شفيق جانكير: بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقة موقع “ولاتي مه”، جرى في كافتيريا “أريزونا” بهولير (أربيل) تكريم الباحث والمحلل السياسي الأستاذ عماد باجلان. وجاء هذا التكريم تقديرا لدور باجلان البارز في الساحة الإعلامية والسياسية، وجهوده المتواصلة في الدفاع عن الحقوق والقضايا العادلة للشعب الكردي، ووقوفه في مواجهة الأصوات الشوفينية والعنصرية التي تحاول إنكار حقوق الكورد أو…