عودٌ على بدء: حميد دربندي واجترار الفشل

حسين جلبي
تدخل الرئيس مسعود البارازني بين كُرد سوريا وحزب العمال التركي-البككة في الأعوام الماضية، عبر رعاية ثلاث اتفاقيات لم ينفذ منها الحزب حرفاً واحداً، رغم أنها كانت لمصلحته وألحقت الغبن بالكُرد، بأن وضعت مصيرهم في قبضات كوادر البككة المرتبطين بأكثر من جهة استخباراتية إقليمية ودولية.
والآن يتدخل إقليم كُردستان مجدداً بين الطرفين، حيث سيلتقي مسؤول الملف الكُردي في الإقليم حميد دربندي بقائد قسد مظلوم عبدي ورئيس المجلس الوطني الكُردي محمد إسماعيل، كلٌّ على حدة حسبما تداولته الأخبار.
إن مطالب دمشق لدمج الكُرد السوريين في العملية السياسية وبناء سوريا جديدة، ليس من بينها تشكيل وفد موحد للقاء ساكن القصر الجمهوري الجديد، بل هناك أرضية لا بد من تمهيدها، أهمها الفصل بين البككة وقسد، وإبعاد كوادر الحزب من سوريا من ثم حل قسد، فهل يستطيع إقليم كُردستان تمهيد مثل هذه الأرضية؟ أشك في ذلك.
إن الوساطة الجديدة بين الأنكسة وقسد لن تلقى النجاح لأسباب موضوعية أُخرى، منها ما يتعلق بتباعد الطرفين واختلاف أهدافهما وتناقض مرجعيتهما، خاصةً أن قسد لا تخطو خطوة واحدة في الشأن الكُردي السوري دون موافقة البككة، الجالس في حضن ملالي إيران، كما أن هناك سبب جوهري آخر يتعلق بشخص الوسيط نفسه، حميد دربندي الذي استلم ملف كُرد سوريا منذ عام 2011 بصلاحيات مطلقة، ورغم انتقاله من يومها من فشل إلى آخر، حتى أصبح كُرد سوريا في أسوء الأوضاع، إلا أن سلطات إقليم كُردستان لم تفكر بإجراء مراجعة لما حدث.
على صعيد آخر، هل سيرضى كُرد سوريا الذهاب بوفد مشترك مع بقايا البككة، على فرض إخراجه من سوريا وحل قسد، في الوقت الذي تنحصر مطالبه في الحرية لأوجلان والأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب؟ وكيف سيكون عليه الحال، إذا رفضت الإدارة الجديدة استقبال وجوه البككة السورية، صالح مسلم وألدار خليل والهام أحمد، المتورطين مع نظام الأسد بطريقة أو بأُخرى؟
أعتقد بأن على سلطات إقليم كُردستان مراجعة طريقة مقاربتها للوضع الكُردي السوري شكلاً وموضوعاً، بدءاً بتغيير مسؤولها حميد دربندي، والتخلي عن الأدوات القديمة التي أثبتت فشلها، والبحث في أوساط المستقلين الوطنيين عن شخصيات يمكنها حمل أعباء المرحلة، تكون في الوقت ذاته قريبة من النبض السوري الجديد.

 

https://www.facebook.com/hussein.jelebi/posts/pfbid02NKyEcxkSmF3umnLuu8eqjC2oyAKFVaMDnCDtBrpKEsHx2HYzqPJ4gRFeQDgNJqail

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صالح بوزان ـ دادالي إلى من يهمه الأمر من قيادة قوات سوريا الديمقراطية، وقيادة إقليم شمال وشرق سوريا ( روجآفا)، ومجلس سوريا الديمقراطية ( مسد)، وإلى كل من يهمه السلم الأهلي في شمال وشرق سوريا، وكوباني على وجه الخصوص، إن مثل هذه الممارسات بحق الأهالي في هذه الظروف الحساسة والحرجة التي تمر بها المنطقة، تُعد مرفوضة تمامًا. نعم، إن منظمة…

عقدت لجان متابعة مشروع حراك ” بزاف ” لقاءها الافتراضي الخامس والتسعون ، وقد خلص الاجتماع بعد بحث ومناقشة البنود المطروحة الى التالي : أولا – حول المؤتمر الكردي السوري الجامع بالرغم من كل المحاولات تصر أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) على تمييع مسألة المؤتمر الكردي السوري الجامع ، وتتوزع الأدوار في ممارسة التضليل والخداع ، وزرع العراقيل…

د. محمود عباس لقد أثبتت السنوات الماضية أن المشروع السياسي الوحيد الذي حافظ على اتزانه، وقدّم نموذجًا مستقرًا للحكم المحلي والإدارة، هو مشروع الإدارة الذاتية في غربي كوردستان، أو ما يُعرف بشمال وشرق سوريا. في زمنٍ انهارت فيه معظم الكيانات السورية المعارضة، وفقدت شرعيتها أمام الداخل والخارج، لم يكن السبب في ذلك تشتّتها فحسب، بل لتغاضيها – بل…

إبراهيم اليوسف   لقد لوحظ أن تصاعد الحديث عن أحقية السنة لقيادة زمام الحكم في سوريا الجديدة يتم من خلال الانطلاق من أمرين: أولهما كونها الأغلبية، بنظر دعاتها المبشرين والمروجين لها، وثانيهما بسبب عامل المظلومية، حيث نجد أن هذا الحديث يعكس تعقيدات عميقة في بناء الهوية السورية. فقد كانت المظلومية التي مست السوريين جميعاً بدرجات متفاوتة، إذ تم إعلان…