عهر الإعلام العربي في الفترة الأخيرة

عنايت ديكو
الإعلام، من الناحية المهنية والأخلاقية، ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو منظومة متكاملة من المبادئ والممارسات التي تهدف إلى تقديم المعلومات بدقة وموضوعية، مع التزام صارم بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية!
الاعلام ، هو الميزان الذي يضبط إيقاع الحقيقة، فلا يميل إلى التضليل، ولا ينحرف نحو التحريض، بل يبني الوعي الجمعي ويؤسس لرأي عام مستنير، لا قطيعٍ مُسيَّر.
فمن يراقب العربية، الحدث، الجزيرة وملحقاتها… سيرى بأم عينيه ذاك الكم الهائل من التضليل والافتراءات، سواء في غزّة، سوريا، كوردستان، روسيا، تركيا وغيرها. وهناك الكثير من الأمثلة التي تدين هذه القنوات وبشكل فاضح!
فمَن تابع خطاب الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته نويل بارو في المؤتمر الدولي حول سوريا مثلاً، سيندهش من حجم وكمية التشويه والتضليل الممنهج الذي مارسته هذه القنوات!
فجميع الدول الحاضرة، وعلى رأسها فرنسا، أعلنتها بوضوح وبلا مواربة وقالت:
“نحن حلفاء للكورد، ولن نتخلى عن قسد… والكورد جزء أساسي من خارطة سوريا المستقبل!”.
أما الإعلام العربي، فلم يقترب من كل هذه الرسائل الدولية والفرنسية، بل اكتفى بالتركيز على أن فرنسا أكدت على ضرورة إدماج قوات سوريا الديمقراطية بالجيش السوري، متناسياً أن جميع الكورد في سوريا يريدون إدماج القوات التابعة للإدارة الذاتية في الجيش، لكن أي جيشٍ نقصده؟
ما نقصده هو الجيش السوري وليس الجيش العربي السوري.
فأين هي الحقيقة والمصداقية والمهنية والنزاهة في الإعلام العربي، يا جماعة الخير؟
كونوا على يقين… لم يمنحكم أحدٌ التفويض والتوقيع على بياض، يا جماعة “أطلقوا اللحىٰ وحفّوا الشاربين”!
الكورد في سوريا… حقيقة لا يمكن إنكارها، سواء كنتم متفقين مع “قسد” أو مختلفين معها، فهذا شأنكم، لكن خارطة سوريا المستقبلية ستُرسم مع الجميع، وبإرادة الجميع، مع الكورد، العلويين، الدروز، التركمان، الأرمن، السريان، الآشوريين، الكلدان، القرباط وغيرهم!
سوريا لن تعود إلى سابق عهدها، عهد العبودية السياسية، ولن تتحول إلى إمارة إسلامية أو قطر عربي!
السوريون… لا علاقة لهم بمزاعم “الوطن العربي والوحدة العربية من المحيط إلى الخليج”!
هنا أريد أن أتوجه ببعض الأسئلة لقنوات العربية، الحدث، الجزيرة وملحقاتها.!
لماذا لم يُغطِّ الإعلام العربي هذا المؤتمر الدولي حول سوريا؟
لماذا بقي الصحفيون التابعون لهذه القنوات خارج أسوار التغطية، ينتظرون الدخان الأبيض؟
لماذا منعت الخارجية الفرنسية التصوير والتغطية الإعلامية والصحفية؟
لماذا رفضت المؤسسات المالية الدولية التي رسمت مستقبل سوريا كل أشكال التغطية الصحفية والإعلامية؟ وأين سوريا من كل ما جرى في قاعة وسراديب المؤتمر؟
إذا كان المؤتمر متعلقاً بسوريا وحكمها الجديد، فلماذا اقتصر المؤتمر الصحفي الأخير على وزير خارجية فرنسا فقط، دون حضور وزير خارجية سوريا العروبة؟
لماذا … لم نشاهد أي ظهور رسمي لوزير الخارجية السوري… لا مؤتمر صحفي ولا هم يحزنون، أليس هذا انتقاصاً مهيناً للسيادة السورية؟
لماذا لم يُسمح للمشاركين بإجراء مؤتمراتٍ صحفية أو لقاءات إعلامية؟
التعبئة القوموية والعروبية الإسلاموية الهائجة والجياشة … لن تفيدكم بشيء، يا جماعة الإعلام الخليجي!
بدلاً من أن ترتقي هذه القنوات بخطابها وتقدم تحليلات صحفية عميقة، اختارت أن تُجيّش الشارع السوري ضد الإدارة الذاتية، ضد الكورد، وقسد، وضد كل ما يخالف نهجها القوموي العروإسلاموي!
قبل فترة وجيزة، سمعنا كثيراً عبارة “مَن يُحرِّر… يُقرِّر” على شبكات التواصل الاجتماعي !
أليس هذا شعاركم … بلا ؟
إذن، جماعة الإدارة الذاتية قد حرَّروا، وقرَّروا، قبل سنوات وسنوات من استلامكم لدمشق.!
أما إذا كنتم تريدون “تحرير المنطقة” وإرضاء بني عثمان من الأتراك، وطرد “قسد ومسد”، فماذا تنتظرون؟!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…